الأدب الرمادي مصطلح جديد لمفهوم قديم - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الجمعة، 10 أبريل 2020

الأدب الرمادي مصطلح جديد لمفهوم قديم

لا شك ان الكثير من المتخصصين في مجال المعلومات كان قد سمع بمصطلح الأدب الرمادي [Grey Literature]  حتى ان هناك بحوث ودراسات علمية على مستوى الماجستير والدكتوراه بدأت تسجل او تنجز عن موضوع الأدب الرمادي في بعض الجامعات العربية. 

يرى البعض ان الأدب الرمادي هو المطبوعات التي يتم  نتاجها خارج قنوات النشر والتوزيع التقليدية، لتشمل على التقارير الادارية والفنية والوثائق الحكومية و الاتفاقيات الدولية و النشرات الاخبارية والخطب وغيرها. بمعنى اكثر تفصيلا يشير الأدب الرمادي إلى نوع المعلومات التي لم يتم نشرها رسميًا ولا يمكن التعرف عليها بسهولة أو الوصول إليها من خلال القنوات التقليدية مثل المكتبات أو مراكز المعلومات. وهذا يشمل التقارير وأوراق العمل ووقائع المؤتمرات والأطروحات والتقارير الفنية ، ويعد الأدب الرمادي مهم لأنه غالبًا ما يحتوي على معلومات قيمة وفي الوقت المناسب قد لا تكون متاحة من خلال المزيد من القنوات الرسمية. غالبًا ما يتم إنتاجه من قبل الوكالات الحكومية ومعاهد البحث والمنظمات الأخرى ويمكنه تقديم رؤى حول أحدث الأبحاث والتطورات في مجال معين. ومع ذلك ، فإن الافتقار إلى النشر والتوزيع الرسمي يعني أنه من الصعب تحديد مكان الأدب الرمادي والوصول إليه .وذلك لعدم فهرسته في قواعد البيانات أو الاشارة اليه في فهارس المكتبات ، مما يجعل العثور عليها أمرًا صعبًا. على الرغم من هذه التحديات ، يعد الأدب الرمادي مصدرًا مهمًا للمعلومات ويجب تضمينه في البحث. لتحديد موقع الأدب الرمادي ، يمكن للباحثين البحث في المستودعات عبر الإنترنت ، أو الاتصال بالمؤلفين أو المنظمات مباشرة ، أو التشاور مع أمناء المكتبات الذين قد يكون لديهم خبرة في العثور على هذا النوع من المعلومات. مع هذا يعد الأدب الرمادي مصدرًا قيمًا للمعلومات ، ولكن غالبًا ما يتم تجاهله للاسباب التي ذكرت سابقا ، على الرغم من انه يمكن أن يوفر رؤى ووجهات نظر قيمة. من المهم للباحثين أن يكونوا على دراية بالأدب الرمادي ويبحثوا عنه بنشاط في جهودهم البحثية. اما اذ ما نظرنا الى الاساس المعتمد في تميز الأدب الرمادي وهو كل ما ينشر خارج قنوات النشر التقليدية سوف نجد ان القائمة تطول لتشمل انواع اخرى ولكل من هذه الانواع تفصيلات و تفريعات كثيرة ومتداخلة في معظم الاحيان لتشمل حسب موقع  GreyNet International    الاصناف الرئيسة المبينة في الشكل الاتي:


 

ولكل من هذه الاصناف والانواع تفريعات الشكلية والموضوعية و كما مبينة في الجدول الأتي:

بشكل عام لا يتختلف هذا التقسيم عما كان سائدا في مجال علم المعلومات من تقسيم مصادر المعلومات الى مطبوعة وغير مطبوعة، او وثائقية وغير وثائقية او أولية وثانوية، أو منشورة وغير منشورة والاخير يعد التقسيم الاقرب الى مفهوم الأدب الرمادي. يبقى السؤال : اذا كان هناك ما يعرف بالأدب الرمادي اذن من المنطقي ان نمضي مع التدرج اللوني للبحث عن مفهوم مقارب له وهو الأدب الأبيض Whit Literature  فضلا عن الأدب الأسود Black Literature  ، وعلى اساس المقاربة الشكلية يمكن ان نستنتج ان الأدب الأبيض هو كل المطبوعات المنشورة من خلال القنوات الرسمية للنشر والتوزيع مثل الكتب على انواعها والدوريات والسلاسل. السؤال الأهم هنا : ماهو الأدب الذي يمكن ان نطلق عليه الأدب الاسود.؟ بالتاكيد سوف نواجه مشكلة التداخل بين المفاهيم اذا سبق ان استخدم هذا المصطلح للتعبير عن النتاج الفكري للامريكان السود من اصول افريقية. واعتقد ان استبدال كلمة الأدب بمصطلح النتاج الفكري ستوفر علينا الكثير من اشكالات تداول المصطلح في اللغة العربية. لكن اذا ما مضينا في التقسيم على فلسفة التقسيم اللوني عندها نعتقد ان الأدب الاسود يمثل كل الاعمال والوثائق السرية مثل الخطط العسكرية والتقارير المخابراتية و الحسابات المصرفية، والتقارير المختبرية والتحقيقات الأمنية و براءات الاختراع للمعدات العسكرية و الدوائية. فضلا عن وثائق الوكالات الدولية ذات الطابع السري.

اذن يشترك هذا النوع مع الأدب الرمادي بانه خارج آلية النشر التقليدية. ويختلف عنه في كونه محدود التداول و غير متاح للعلن. ولا يسمح بالاشارة له في اعمال اخرى الا وفق ضوابط ومحددات خاصة.

 في الختام تجدر الاشارة الى ان فكرة تحول الآدب الرمادي الى أدب ابيض واردة بعد ان يجد طريقه للنشر من خلال القنوات الرسمية للنشر، كما ان ما وصفناه بالأدب الاسود يمكن ان يتحول الى اي نوع اخر بعد رفع قيود السرية عنها وهو ما يحصل غالبا للكثير من الوثائق والتقارير السرية. ولا يفوتنا هنا ان نوصي بضرورة ان يكون المقابل العربي لهذه التقسيمات هو النتاج الفكري الابيض و النتاج الفكري الرمادي والنتاج الفكري الاسود بدلا عن كلمة أدب، لأن كلمة أدب باللغة العربية لها دلالة تختلف عنها في اللغة الانكليزية اذ تشير الى الاعمال الآدبية مثل القصص والروايات والدواوين الشعرية خاصة واننا غالبا ما نستخدم مصطلح النتاج الفكري مقابل مصطلح Literature. كما نوصي طلبة الماجستير في الجامعات العراقية الى التفكير في موضوعات تستند على هذه المفاهيم  وتكون محور للبحث والتحليل

هناك 15 تعليقًا:

  1. د. اروى زكي ناصر10 أبريل 2020 في 12:43 ص

    السلام عليكم أود أن أوضح أن كلمة Literature معناها أدبيات فنقول أدبيات الموضوع اي كل ما ينشر عن الموضوع في مصادر المعلومات المختلفة و ليس معناها أدب بالطبع فالادب باللغة العربية معروف من شعر و نثر و قصة... الخ بدوري اسال ماهي قواعد البيانات التي تقوم بنشر grey literature هذه المعلومات كنت اعطيها عندما كنت ادرس مادة مصادر المعلومات في العلوم و التكنلوجيا و منذ سنوات عديدة

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله. نعم اتفق معك ان الترجمة الدقيقية هي الادبيات. لكن مصطلح النتاج الفكري اكثر شيوعا عندنا نحن المتخصصين في مجال المعلومات. شكرا على الاهتمام والمتابعة

      حذف
  2. أحسنت دكتور
    من الأمثلة على تحول النتاج الفكري الأسود الى نتاج فكري ابيض هو ما يوجد على شبكة الإنترنت من وثائق سرية كانت تخص الأتحاد السوفياتي واليوم رفعت السرية عن الكثير منها
    يارب يحفظك استاذنة العزيز🌸🌸🌸

    ردحذف
    الردود
    1. الله يبارك بك استاذ احمد اعتز بك و احيك على اهتمامك

      حذف
  3. السلام عليكم دكتور
    جمعة مباركة ...
    اطلعت على منشور مدونتكم حول الادب الرمادي .. وكالعادة فان مواضيعك الشيقة والممتعة والفريدة تدفعني لطرح بعض ارائي فارجوا تقبلها برحابة صدر . وقد نكون اغفلنا عن تدريس هذا الموضوع الى طلبتنا ، الا ان حداثة المصطلح والاهتمام به جاء متاخرا ، وكان الامر يرتكز على المطبوعات الحكومية وغير المنشورة ومحدودة التداول ، وكما تفضلت حضرتك به . الا ان الدكتورة ( فاطمة شباب ) من الجزائر قد خصصت اطروحتها للدكتوراه لهذا الموضوع وارفقتها ببحوث وكتاب مخصص للادب الرمادي في البيئة الرقمية . وقد تكون الفروقات والتشابهات بين الادب الابيض والرمادي كثيرة الى درجة يستحق فيها اعداد دراسة مقارنة بين الاثنين للتعرف بشكل واضح على ذلك .
    وفيما يخص التقسيمات التي ذكرتها حضرتك فان هناك اختلاف حول تعريف الادب الاسود : فالبعض يرى انها تمثل الافارقة الاميركيين American-Afro او ذوي البشرة السوداء . وقد اثار هذا التقسيم التفرقة العنصرية ولكن سرعان ما تمسك السود به بعد نشر عدد من الروايات التي لاقت رواجا واسعا ، ومن اشهرها رواية (الجذور) لاليكس هيلي وكتاب الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما ( احلام من والد) . ويقسم البعض الاخر الادب الاسود الى ما يسمى بالادب البوليسي والمعتمد على ملفات المخابرات والعمليات السرية . ويميل طرف ثالث الى تعريفه بالادب الذي ينشر التشاؤم من الحياة وسوداويتها او ما يطلق عليه بالادب المظلم Dark Literature .
    واما نقطة الخلاف والتي شارت اليها الدكتورة اروى فهي تتعلق بمصطلح ( ادبيات ) و(النتاج الفكري ) ومن وجهة نظري فمن غير الملائم استخدام كلمة الادبيات في وصف الادب الرمادي , فنقول مثلا ادبيات الرمادي او ادبيات الادب الرمادي او الادبيات الرمادية . الا انه وبنفس الوقت فان استخدام مصطلح ( النتاج الفكري ) قد لا يصلح من الناحية الاصطلاحية لوصف المنشورات والمطبوعات الصادرة من مؤسسات او منظمات لا يكون للتفكير البشري دورا فيها . ففي اكثرها بيانات وارقام انتجت من خلال العمل او كناتج للعمل الالي او الذكاء الاصطناعي . ومع ذلك فان مصطلح ( الادب و ( الادبيات ) غير ملائم لوصف هذا النوع من المنشورات واتفق معك باعتماد مصطلح ( النتاج الفكري ) للحفاظ على تلك المنشورات ضمن بيئة علم المعلومات وان لا تصنف خطأ ضمن الاعمال الادبية .
    ولقد يتفاجأ البعض ومن خلال منصة Grey Net حجم المؤلفات والبحوث والاحصائيات حول الموضوع الى جانب اهتمام العديد من المؤسسات في دول العالم ومنها مصر والسعودية .
    اعتذر عن الاطالة .. ولكن كما قلت مواضيعك شيقة وممتعة وفريدة

    سمير مدحت سعيد














    ردحذف
  4. وعليكم السلام ورحمة الله. اراء قيمة ومداخلة مهمة شكرا على الاهتمام والمتابعة.

    ردحذف
  5. موضوع مهم وبارك الله في جهودك دكتور

    ردحذف
  6. سلام عليكم استاذ حدد مؤتمر الدولي الرابع واشنطن العاصمة في اكتوبر 1999الادبيات الرمادية على النحو التالي "جميع الادبيات التي يتم انتاجها عل جميع مستويات الحكومة والاكاديمية والاعمال والصناعة في اشكال المطبوعة او الالكترونية ولكتن لايتحكم فيها فالادب الرمادي AFNORالناشرون التجاريون "وفقا لاي وثيقة مرقونة على الالة الكاتبة او المطبوعة في كثير من الاحيان ذات طابع مؤقت مستنسخة وموزعة على عدد من النسخ خارج قنوات التجارية للنشر والتوزيع وغالبا مايكون هذا الادب علميا او تقنيا اوتجاريا وغير متوفر من خلال مصادر البيبلوغرافية المعتادة مثل قواعد البيانات او الفهارس فان منشورات الادب الرمادي منشورات غير تقليدية واحيانا سريعة الزوال وبسبب طبيعته فمن الصعب العثور عليه

    ردحذف
    الردود
    1. اتفق معك في هذا وان كانت لي وجهة نظر تكميلية في هذا الأمر. شكرا لاهتمامك

      حذف
    2. اتفق معك في هذا وان كانت لي وجهة نظر تكميلية في هذا الأمر. شكرا لاهتمامك

      حذف
    3. ماهي وثائق التي تمثل الادب الرمادب

      حذف
  7. السلام عليكم دكتور
    مامدى حضور الادب الرمادي في بعض الفضاءات الرقمية التي وفرتها شبكة الانترنت؟؟

    ردحذف
  8. هل يمكن ان اتخذه في بحثي و هل يعتبر مرجع ؟ شكرا دكتور

    ردحذف