عالم بلا مكتبات . هل بات قريبا.؟ - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الأحد، 29 نوفمبر 2020

عالم بلا مكتبات . هل بات قريبا.؟


 الدكتور طلال ناظم الزهيري

استاذ نظم استرجاع المعلومات

قد يبدو للوهلة الاولى عنوان هذا المقال غريبا، او يثير شيئ من الازدراء لدور المكتبات (المقدس) من منظور العاملين فيها او المتخصصين في مجالها او حتى عشاقها. للبعض من هؤلاء اقول: ان حجب الشمس بغربال هو حالكم جميعا بعد ان ادركتم ان بضاعاتكم لم تعد مزجات و لم يعد حمل البعير عليكم حمل يسير، وانتم على حالكم مصرين على عزل انفسكم بين جدران القاعات التي طالما حرصتم على ان يكون الصمت والسكون اهم ما يميزها، حتى لا يعلو صوت فوق صوت المكتبي. اليوم هينئا لكم الصمت والسكون بعد ان هجر المكتبات روادها وبعد ان وجد العشاق حبيبة اخرى اكثر تسامحا و اقل تشددا. انها الانترنت ايها السادة ومبادرات الوصول الحر. 

لم تعد ذرائعكم بمتعة القراءة من الكتب الورقية تقنع جيل فتح عينة على الشاشات الرقمية. يكفينا مكابرة و علينا ان نرفع رايتنا البيضاء لقد خسرنا رهان المنافسة دون شك. والسبب من وجهة نظري هو اننا تمسكنا بالغاية على حساب الوسيلة، وقاتلنا للحفاظ على المكان ونسينا اهمية العنوان، قدسنا الكتاب وتجاهلنا المعرفة. انشغلنا في البحث عن ادوات و وسائل تيسر لنا عملنا اكثر من تلك التي تخدم روادنا. راهنا على حاجة الباحثين و الدارسين لمصادرنا و لم نفكر انها يمكن ان تتاح من مكان اخر. بالتالي فشلنا في كسب المزيد من الرواد ولم نكترث لظاهرة العزوف التي شخصناها دون ان نحلل اسبابها بنوايا صادقة ولم نجتهد للبحث عن حلول لها. لماذا عجزنا ان نفتح صالات للسينما في مكتباتنا باختلاف نوعية الافلام التي تعرض.؟ لماذا عجزنا ان نؤسس لانشطة وفعاليات ثقافية وفنية ومهرجانات دورية؟. لماذا كان علينا ان ننتظر قدوم المستفيد الينا ولم نفكر في الذهاب اليه.؟ لماذا لا يزال البعض ينظر الى الانترنت على انها المنافس وليس الوسيلة للانتشار.؟ مع هذا علينا ان نعترف ايضا ان كل هذا ايضا لم يعد يجدي نفعاً لقد تاخرنا في اتخاذ مثل هذه الخطوات، لاننا على يقين ان مبادرات الوصول الحر سوف تتوسع لتشمل الكتب و الرسائل و الانواع الاخرى من مصادر المعلومات. عندها سوف يتراجع دور المكتبات مع الاخذ بنظر الاعتبار ان اي منظومة اقتصادية سواء اكانت راسمالية ام اشتراكية لا يمكن ان تبرر ضخامة الانفاق في ظل تراجع المنفعة والاهمية. بالتالي استمرار المكتبات كمؤسسات صعب جدا في حدود السنوات العشر القادمة. اتوقع ان تبدأ مرحلة قضم المكان قريبا خاصة في الجامعات سوف تطمع الجامعات ببنايات المكتبات و تبدأ بقضم اجزاء منها لتوظفها لاغراض اخرى بحجة تراجع دورها و ظهور البدائل الرقمية. ثم تبدأ مرحلة خفض الانفاق عليها و توزيع كوادرها لوظائف اخرى. لتنتهي لا حقا الى غرف صغيرة ملحقة بالاقسام العلمية بعدد محدود من الكتب التي تدعم المقررات الدراسية. وكمحصلة طبيعية سوف يتم غلق بعض الاقسام التي تؤهل المختصين في هذا المجال وقد تلغى برامج البكالوريوس نهائيا ليحل بدلا عنها برامج دراسات عليا فقط، كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية. عموما نصيحتي اليوم لاقسام المعلومات و المكتبات في العالم العربي ان تعمل من الآن بوضع المناهج والمقررات الدراسية التي من شأنها ان تؤهل جيل يتخصص في قيادة مبادرات الوصول الحر و يكون مؤهل على ادارة وتنظيم المعرفة في فضائها الرقمي ملما بكل ادواتها و وسائلها قادرا على وضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها ان تيسر سبل الافادة منها وكل هذا مسبوق بتغير مسمياتها.

في الختام اقول ان من يراهن على بقاء المكتبات كمؤسسات الى مدى ابعد من 2030 سيكون رهانه خاسرا بكل تاكيد.   

هناك 6 تعليقات:

  1. أحسنت دكتور فعلا المكتبة في الوقت الحالي يذهب اليها الباحث سوقا وليس طوعا
    كل ما يريد موجود بالإنترنت

    ردحذف
  2. احسنت دكتور حان الوقت للاعتراف بنهايه دور المكتبات التقليدية بجدرانها الاربعه والاعتراف بالانترنت كبديل امثل لتقديم أفضل الخدمات

    ردحذف
  3. شكرا على المعلومات

    ردحذف
  4. شكرا دكتور على المعلومات القيمة. تبقى المكتبة تقدم خدماتها سواءا بالتقليدي او عبر الفضاء الرقمي .

    ردحذف
  5. شكرادكتور على الافادةبما كل ماهو جديد في مجال المكتبات والتكنولوجيات الحديثة

    ردحذف