الإنموذج البحثي ماذا يعني. وكيف يطبق؟ - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الاثنين، 9 يوليو 2018

الإنموذج البحثي ماذا يعني. وكيف يطبق؟


الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ نظم استرجاع المعلومات في الجامعة المستنصرية

كثيرة هي الرسائل الجامعية والاطاريح والبحوث الاكاديمية التي تستند الى إنموذج بحثي. وفي تخصص المعلومات و المكتبات يرد هذا الإنموذج في عدد الكبير من العناوين، لكن ومن خلال دوري كمناقش للرسائل والاطاريح في تخصص المعلومات، اكتشفت ان معظم الطلاب لا يتوقف ليوضح ما هو نوع الإنموذج المستخدم في دراسته. حتى تصبح عبارة انموذجاً لا تدل على شي اكثر من دلالتها اللفظية. ولعل البعض من الباحثين يربط مصطلح إنموذجاً بمنهج (دراسة الحالة) او قد يكون بدل لفظي يعبر عنه. ومن المهم هنا ان نتوقف عند هذا المصطلح و نوضح اوجه استخدامه في الدراسات الاكاديمية منطلقين بادئ ذي بدأ من الاشكالية اللغوية، اذ يرى بعض النحاة ان هناك فرق بين لفظتي (نموذجاً) و (إنموذجاً). وهنا اقتبس منهم الاتي :
في كتاب(المصباح المنير في غريب الشرح الكبير) المؤلف: أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (المتوفى: نحو 770هـ). ورد "( ن م ذ ج ) : الإنموذج بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِفَةِ الشَّيْءِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَفِي لُغَةٍ نَمُوذَجٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالذَّالِ مُعْجَمَةً مَفْتُوحَةً مُطْلَقًا قَالَ الصَّغَانِيّ النَّمُوذَجُ مِثَالُ الشَّيْءِ الَّذِي يُعْمَلُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَعْرِيبُ نَمُوذَهْ وَقَالَ الصَّوَابُ النَّمُوذَجُ لِأَنَّهُ لَا تَغْيِيرَ فِيهِ بِزِيَادَةٍ ."
اما في كتاب (سهم الألحاظ في وهم الألفاظ) المؤلف: محمد بن إبراهيم بن يوسف الحلبي القادري التاذفي، الحنفي رضي الدين المعروف بـ ابن الحنبلي (المتوفى: 971هـ). فقال " النّموذَجُ بفتح النونِ مِثالُ الشيءِ مُعَرَّبٌ والإنموذج لحْنٌ ولا عِبْرَة َ بقولِ مَنْ سَبَقَهُ كصاحِبِ المُغْرِبِ حيثُ قال النّموذَجُ بالفتح والإنموذج بالضَّمِّ تعريبُ نَمُوذَه وكالتّفْتازانيّ حيثُ جَزَمَ في مباحثِ الفصاحة ِ من شرحِ المفتاح بأنَّ الإنموذج مُعَرَّبُ نموذه أو نمودار". وكالعادة لن نجد اتفاقاً على المعنى في كتب النحو واللغة وانا شخصيا أميل الى مصطلح أنموذجا اكثر من نموذجا لاعتبارات اكاديمية واخرى دلالية اقتبستها من مؤلفات تراثية ورد ذكر المصطلح بصيغته هذه فيها منها على سبيل المثال:
  •        الإنموذج في النحو. تأليف: الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر (ت 538هـ).
  •        أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل. تأليف: زين الدين محمد بن أبي بكر الرازي / ت 661هـ.
وعليه اجد من المهم ان نتوقف امام اوجه استخدام المصطلح في الدراسات الاكاديمية التي احاول ان اوجزها بالآتي:
  • الإنموذج المعياري. لفهم هذا النوع نورد العنوان الاتي : (استراتيجية تطوير المكتبات الجامعية العراقية: مكتبة جامعة القاهرة إنموذجاً). هنا يتم وصف الإنموذج بانه معياري بمعنى ان سياسية تطوير المكتبات الجامعية سوف تنظر الى مكتبة جامعة القاهرة كمعيار على مستوى الخدمات والاجراءات تحاول محاكاته او تقليده.
  • الإنموذج التطبيقي. يمكن ان نعيد صياغة العنوان السابق للاتي : (استراتيجية تطوير المكتبات الجامعية العراقية: مكتبة جامعة بغداد إنموذجاً). فعندما يذهب الباحث الى وضع استراتيجية تطوير ويحاول التحقق من مدى نجاحها سوف يختار مؤسسة يطبق فيها هذه الستراتيجية. بالتالي ستكون مكتبة جامعة بغداد الإنموذج التطبيقي مع الأخذ بنظر الاعتبار ان محاول تعميم هذه الاستراتيجية يجب ان يتم على مؤسسات متناظرة ومتقاربة في الامكانات و البنية الاساسية.
  • الإنموذج التجريبي. لفهم هذا النوع نورد العنوان الاتي : (تحويل الفهارس التقليدية الى فهارس آلية باستخدام نظام كوها: فهرس مكتبة الجامعة المستنصرية انموذجاً). عندما لا نكون متيقنين من نجاح عمل معين علينا ان نخضعه للتجربة، بالتالي ومن أجل الحد من الضرر لا بد ان نختار مكان محدد لاحداث التجربة فيه، اي ان فهرس المستنصرية سيكون الانموذج التجريبي للدراسة. فاذا كتب لها النجاح يمكن تعميمها، اما اذا فشلت فأن الضرر سوف يكون في الإنموذج المختار فقط. ويمكن تعميم هذه المفاهيم على نماذج غير مكانية مثل الخدمات والاجراءات و التطبيقات والبرمجيات. وعليه لا اعتقد من الصواب ان يتوقف عنوان الباحث عند مصطلح انموذجاً ما لم يتبع بالمعياري أم التطبيقي ام التجريبي.      

هناك 6 تعليقات: