في البحث العلمي، يُعد المتغير مفهومًا أساسيًا، فهو الخاصية أو الصفة التي يمكن قياسها أو تصنيفها وتتغير من حالة إلى أخرى. لفهم الظواهر ودراسة العلاقات بين العوامل المختلفة، يحتاج الباحث إلى التمييز بين أنواع المتغيرات المختلفة. هذا الأمر يكتسب أهمية خاصة في مجال المعلومات والمكتبات، حيث تتداخل الجوانب التقنية مع الجوانب البشرية والتنظيمية.
من الجدير بالذكر أن ظهور المتغيرات في عنوان البحث ليس شرطًا
ثابتًا أو ضروريًا، إذ قد يختار الباحث أن يكون العنوان عامًا أو وصفيًا للموضوع
أو الظاهرة، بينما تُحدد المتغيرات وتُفصل بدقة داخل متن الدراسة. على سبيل
المثال، قد يكون العنوان "تحليل كفاءة نظم استرجاع المعلومات في المكتبات
الجامعية" دون ذكر صريح للمتغيرات المستقلة أو التابعة، في حين يتم تفصيلها
في محتوى البحث. هذا التنوع في صياغة العناوين يعود إلى اختيار الباحث وطبيعة
الدراسة، إذ لا يقتضي ظهور المتغير بشكل صريح في العنوان.
فيما يلي شرح موجز لكل نوع من أنواع المتغيرات:
المتغير التابع (Dependent Variable)
المتغير التابع هو النتيجة التي يراد قياسها أو تفسيرها في
الدراسة، أي الظاهرة التي تتأثر بالمتغيرات الأخرى. على سبيل المثال، في دراسة
تبحث في جودة خدمات المكتبة الرقمية، قد يكون مستوى رضا المستخدمين هو المتغير
التابع الذي نرغب بفهم العوامل المؤثرة عليه. في دراسة أخرى حول نظم استرجاع
المعلومات، قد تكون دقة نتائج البحث أو سرعة الاستجابة متغيرات تابعة.
من المهم التنويه هنا إلى أن الدراسات يمكن أن تحتوي على أكثر
من متغير تابع، خاصة إذا كان الباحث يرغب في دراسة تأثير العوامل على عدة أبعاد من
الظاهرة نفسها. مثلاً، في تقييم نظام مكتبي قد يُقاس كل من دقة الاسترجاع ورضا
المستخدم وزمن الاستجابة كمتغيرات تابعة متعددة.
أمثلة توضح المتغير التابع
(Dependent Variable):
1. أثر تصميم واجهات نظم المعلومات على رضا المستفيدين
في المكتبات الرقمية.
المتغير
التابع: رضا المستفيدين
2. تحليل تأثير جودة البيانات على دقة الاسترجاع في
قواعد المعلومات الأكاديمية.
المتغير
التابع: دقة الاسترجاع
المتغيرات المستقلة (Independent Variables)
هذه هي العوامل التي نعتقد أنها تؤثر أو تسبب تغييرًا في
المتغير التابع. في سياق المكتبات، قد تشمل المتغيرات المستقلة جودة البيانات، تصميم
واجهة المستخدم، مستوى تدريب العاملين، أو حتى تكامل قاعدة البيانات مع مصادر
خارجية.
يجدر بالذكر أنه في كثير من الدراسات يكون هناك أكثر من متغير
مستقل، حيث يسعى الباحث إلى دراسة تأثير مجموعة من العوامل المختلفة على المتغير
التابع أو المتغيرات التابعة. فمثلاً، في بحث حول كفاءة النظام المعلوماتي، قد يتم
دراسة تأثير كل من سرعة النظام، نوع الخوارزميات، ومهارات المستخدمين معًا
كمتغيرات مستقلة.
أمثلة توضح المتغيرات المستقلة
(Independent Variables):
1. دور تدريب العاملين وتقنيات البحث المتقدم في تحسين
كفاءة البحث في المكتبات الجامعية.
المتغيرات
المستقلة: تدريب العاملين، تقنيات البحث
2. تأثير سرعة النظام وتصميم قاعدة البيانات على تجربة
المستخدم في أنظمة المكتبات المؤتمتة.
المتغيرات
المستقلة: سرعة النظام، تصميم قاعدة البيانات
المتغيرات الضابطة (Control Variables)
هذه المتغيرات تساعد في تقليل تأثير العوامل الخارجية التي قد
تؤثر على العلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغيرة التابعة. في بحوث المكتبات، قد
تكون حجم المكتبة، نوع النظام المستخدم، أو البيئة التقنية المحيطة من المتغيرات
الضابطة. على سبيل المثال، عند دراسة تأثير جودة واجهة المستخدم على رضا
المستفيدين، يمكن ضبط حجم المكتبة لتقليل التشويش الناتج عن اختلافات الحجم.
أمثلة توضح المتغيرات الضابطة
(Control Variables):
1. أثر واجهات المستخدم على رضا المستفيدين مع ضبط نوع
المكتبة وحجمها.
المتغير
الضابط: نوع المكتبة، حجم المكتبة
2. تحليل تأثير التكامل مع قواعد البيانات العالمية
على فعالية البحث مع تثبيت نوع النظام المستخدم.
المتغير
الضابط: نوع النظام
المتغيرات الوسيطة (Mediating Variables)
تقوم هذه المتغيرات بتوضيح كيف تؤثر المتغيرات المستقلة على
المتغير التابع، إذ تعمل كحلقة وصل تفسر العلاقة بينهما. كمثال، في بحث حول نظم
استرجاع المعلومات، قد يكون رضا المستخدم وسيطًا بين جودة واجهة النظام وكفاءة
استرجاع المعلومات، حيث تؤثر واجهة المستخدم على رضا المستخدم الذي بدوره يؤثر على
الكفاءة.
أمثلة توضح المتغيرات الوسيطة
(Mediating Variables):
1. دور رضا المستخدم كوسيط بين جودة واجهة النظام
وكفاءة الاسترجاع في المكتبات الرقمية.
المتغير
الوسيط: رضا المستخدم
2. تأثير التفاعل مع المحتوى الرقمي على التحصيل
المعرفي عبر دافعية المستخدم للتعلم.
المتغير
الوسيط: دافعية المستخدم
المتغيرات المعدلة (Moderating Variables)
تُستخدم هذه المتغيرات لتعديل أو تغيير قوة أو اتجاه العلاقة
بين المتغير المستقل والمتغير التابع. على سبيل المثال، في دراسة تأثير مهارات
المستخدم على دقة البحث في قاعدة بيانات، قد يؤثر نوع التخصص الأكاديمي للمستخدم كمتغير
معدل؛ حيث إن التأثير قد يكون أقوى في تخصصات معينة وأضعف في أخرى.
أمثلة توضح المتغيرات المعدّلة
(Moderating Variables):
1. تأثير مهارات البحث على فعالية استخدام قواعد
المعلومات وتعديل العلاقة حسب التخصص الأكاديمي.
المتغير
المعدل: التخصص الأكاديمي
2. دور تصميم واجهة المستخدم في تحسين الرضا وتعديل
العلاقة حسب الفئة العمرية للمستخدمين.
المتغير
المعدل: الفئة العمرية
المتغيرات البديلة: (Alternative / Proxy Variables)
عندما يصعب قياس المتغير الأصلي، يمكن استخدام متغير بديل يعبر
عن نفس المفهوم بشكل تقريبي. مثلاً، إذا كان قياس رضا المستخدم بشكل مباشر غير
ممكن بسبب صعوبة جمع البيانات، يمكن استخدام عدد مرات استخدام النظام أو مدة
استخدام النظام كمتغير بديل يعكس مدى رضا المستخدمين.
أمثلة توضح المتغيرات البديلة
(Alternative / Proxy Variables):
1. عدد زيارات المستفيدين كمؤشر بديل لقياس مستوى
الرضا عن خدمات المكتبة الرقمية.
المتغير البديل: عدد الزيارات بدلًا من قياس الرضا مباشرة
2. زمن التفاعل مع النظام كمؤشر على جودة تجربة
المستخدم في نظم إدارة المعرفة.
المتغير البديل: زمن التفاعل بدلًا من جودة التجربة بشكل مباشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق