إقتصاد المعرفة - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الاثنين، 7 مارس 2016

إقتصاد المعرفة


أ.د. طلال ناظم الزهيري
استاذ المعلومات في الجامعة المستنصرية
يعرف الاقتصاديون مصطلح الاقتصاد [ Economy ] على انه ذلك النشاط البشري الذي يشمل إنتاج وتوزيع وتبادل واستهلاك السلع والخدمات.  والاقتصاد من منظور علماء اللغة يعني التوسط بين الإسراف والتقتير، او الموالاة والمعادات الخ... كما في قوله تعالى في الآية 66 من سورة المائدة :" مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ". وما يهمنا الان هو المعنى الاول. اذ يصنف علماء الاقتصاد الدول الحديثة على اساس نوع اقتصادها القومي. 

الذي يمكن ان يعرف على انـــه (اقتصاد زراعي) عندما تكون الزراعة والثروة الحيوانية هي الركيزة الاساسية للناتج القومي. او (اقتصاد صناعي) عندما يكون المنتج الصناعي هو الاسهام الاكبر في الناتج القومي. او (اقتصاد استخراجي) عندما يكون الناتج القومي معتمد بشكل رئيس على الموارد الطبيعية التي يتم استخراجها من بترول وغاز ومعادن الخ... وتجدر الاشارة الى ان علماء الاقتصاد كانوا يعدون الأرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم. ومع التطور التكنولوجي الهائل في نهاية القرن العشرين ظهر مصطلح اقتصادي جديد وهو اقتصاد المعرفة [Knowledge Economy]   وشانه شأن اي مصطلح جديد اختلف المختصين في تعريفه اذ يرى البعض ان اقتصاد المعرفة يركز على انتاج وادارة المعرفة في اطار قيود اقتصادية. بمعنى ان المعرفة باشكالها المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية هي منتج شأنها شأن المنتجات الزراعية والصناعية. ويشرح البعض هذا المفهوم بالقول ان اقتصاد المعرفة هو ذلك الاقتصاد الذي يشكل فيه انتاج المعرفة وتوزيعها واستخدامها المحرك الرئيس لعملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الثرورة وتوفير فرص التوظيف. بمعنى انه يقوم على انتاج المعرفة ومن ثم استثمارها. لكن في واقع الامر هناك تباين بين معدل انتاج المعرفة ومجالات استثمارها. اذ يمكن القول ان دول عربية مثل مصر ولبنان على سبيل المثال تعد منتجة للمعرفة لكن معدل استثمار هذه المعرفة في التنمية الاقتصادية محدود جدا. على العكس من ذلك يمكن النظر الى سويسرا وهولندا على انها دول اسهاماتها المعرفية (انتاج المعرفة) فيها محدود. اذن ما الذي يجعل سويسرا وهولندا تمتلك اقتصاد اقوى من مصر ولبنان. وهذا الحال ينطبق على الكثير من البلدان. ولا نغفل حقيقية مهمة في هذا الجانب وهي صعوبة احتكار المعرفة العالمية او منع استثمارها من قبل الاخرين. وعليه الارتباط الحقيقي للمعرفة بالاقتصاد مرتبط بجانب الاستثمار وليس الانتاج.  اذن لابد ان يكون لاقتصاد المعرفة مفهوم اخر، وهو من وجهة نظرنا الاقتصاد القائم على استثمار المعرفة بفروعها كافة في التنمية المستدامة من أجل تحقيق التقدم والرخاء الاقتصادي للمجتمع. اي كما وصفه. البعض ( الاقتصاد القائم على المعرفة) اي لم تعد الموارد الطبيعية والعمالة وراس المال هي الركائز الاساسية لاي اقتصاد متطور وانما اضيف اليها توفر قواعد المعلومات المعرفية الى العوامل الثلاث السابقة. واصبح جزء كبير من راس المال يذهب الى مجالات البحث والتطوير فضلا عن آليات ادارة المعرفة لاغراض استثمارها في مختلف الفعاليات الاقتصادية الاخرى. اذن اقتصاد المعرفة ليس اقتصادا قائما بذاته. وانما هو المحرك الرئيس للاقتصاديات التقليدية المعروفة ( موارد ، زراعة ، صناعة)، بمعنى ان الدول المتقدمة على مستوى الصناعة او الزراعة غالبا ما كانت المعرفة هي العامل الحاسم في تقدمها. خذ على سبيل المثال دول عربية مثال العراق ومصر التي تمتلك اعظم الموارد المائية والمساحات الزراعية الشاسعة الا انها ما تزال مستوردة للمنتجات الزراعية. والسبب الرئيس هو عدم الافادة من المعرفة والبحث والتطوير لتحقيق استثمار افضل للموارد المائية واستثمار الاراضي بالشكل الذي يضمن الاكتفاء الذاتي على الاقل من المنتجات الزراعية.  
ختاما يمكن القول ان اقتصاد المعرفة:
·        لا يعني انتاج المعرفة فقط وانما الاهم اوجه استثمارها في تطوير القطاعات الاقتصادية كافة.
·        لا يعني اقتصاد قائم بذاته وانما هو محرك للاقتصاديات التقليدية المعروفة.
·        لا يتكامل الى مع وجود تقدم تكنولوجي يوفر وسائل ومعدات وبرمجيات تسهم في تنظيم وادارة المعرفة وتيسير سبل الافادة منها.

هناك 3 تعليقات:

  1. دكتورة ميسون7 مارس 2016 في 9:20 م

    شكرا دكتور طلال على اهتمامك الجاد بعلم اقتصاد المعرفة...احب اضيف ان هذا الاهتمام موجود في الدول متقدمة...حيث ان واحدة من فقرات تقييم المشاريع البحثية والت تسمى proposals هو فقرة ال lmplications
    اي التاثيرات الايجابية الضمنية (المتوقع)تحقيقها فيما لم تم تطبيق نتائج وتوصبات اللحث الفلاني...فإذا كان البحث رصين ويحقق نتائج اقتصادية للبلد يتم مراعات ذلك البحث وتقدم عروض كثيرة للباحث...فعلا موضوع شيق ويستحق النشر دكتور طلال...بالموفقية انشاءالله

    ردحذف
    الردود
    1. نعم دكتورة اذ ان سبب تخاف الدول النامية عن عجلة التنمية سواء الاقتصادية او الثقافية او الصناعية ,,,, هو عدم اخذها لوظيفة البحث و التطوير بجدية ويمكن ان تكون منعدمة حتى . اذ تعتبرها تكاليف يجب تجنبها في حين تعتبرها الدول المتقدمة نقطة قوة و ميزة تؤذي بها الى الارتقاء . شكرا

      حذف