الدكتور
طلال ناظم الزهيري
استاذ
المعلومات في الجامعة المستنصرية
اعتقد
ان اكثر ما يجذب طلاب الدراسات العليا في تخصص المعلومات خاصة. وضع مخططات وأشكال
يعتقدون، إنها تمثل هيكل المنظمة التي هم في صدد دراستها. ولعل البعض منهم، يبدع
في رسم المخطط الذي يوظف فيها كامل خبرته في التعامل مع نظام word، لانتاج رسم مثالي. ثم يجتهد ويطلق على هذا المخطط اسم قد يكون:
(الهيكل الاداري administrative structure)، أو (الهيكل التنظيمي Organizational Structure) او (الهيكل الوظيفي Functional structure). وكأن هذه المسميات
لافرق بينها من وجهة نظره!. فضلا عن قضية جوهرية اخرى يجب الانتباه اليها. وهو ان
الهياكل التي نحن بصدد الكتابة عنها، سواء أكانت تنظيمية أم إدارية أم وظيفية، لا
يمكن اختزالها ببعض الرسوم والمخططات والاشكال، الموجودة في الرسائل والبحوث
العلمية، والتي غالبا ما نمر عليها مرور الكرام، وكانها مجرد شكل توضيحي وضعه
الباحث في مرحلة من مراحل كتابة الرسالة.
لا يقصد منه شي اكثر من ذاته. أنا على الصعيد الشخصي، كنت قد اشتركت او حضرت مناقشة رسائل جامعية كثيرة في تخصص المعلومات، لم اجد يوما، اذا لم تخني الذاكرة! احد المناقشين قد توقف عند احد هذه الاشكال ليسأل الطالب. كيف توصلت الى هذا الهيكل.؟..
لا يقصد منه شي اكثر من ذاته. أنا على الصعيد الشخصي، كنت قد اشتركت او حضرت مناقشة رسائل جامعية كثيرة في تخصص المعلومات، لم اجد يوما، اذا لم تخني الذاكرة! احد المناقشين قد توقف عند احد هذه الاشكال ليسأل الطالب. كيف توصلت الى هذا الهيكل.؟..
أو أن يسأل الطالب ما الفرق
بين الهيكل الاداري والهيكل التنظيمي.؟ ...
ولا
ابالغ اذا قلت، ان معظم الطلاب سوف يجيب عن السؤال الاول بالقول ( إن المخطط يعكس
تصوره الشخصي عن واقع عمل المنظمة.!) وهذه اجابة كارثية! في البحث العلمي. لان وضع
مخطط اداري او تنظيمي او وظيفي، يحتاج الى دراية شاملة بأهداف المنظمة، و نوع
العلاقات التي تربط اقسامها، ومستوى الصلاحيات الادارية لمدراء الاقسام ومسؤولي
الشعب، وألية تدفق المعلومات، فضلا عن نوع وطبيعة الوظائف التي تنجز فيها. ولعل
نوع النظام سواء أكان مركزياً أم لامركزياً، يعد مطلب رئيس اخر لفهم طبيعة عمل
المنظمة، حتى نتمكن من وضع مخطط عن هيكلها، بشرط ان لا تكون الادارة قد أعدت
مسبقاَ هيكلاً لها ومثلته في مخطط ما. هل يتذكر طلابنا ممن قاموا باعداد مخططات من
هذا النوع، انهم عرضوا الاشكال والمخططات التي عملوا عليها على الادارة العليا
للمنظمة، للتاكد من انها تعكس بدقة واقع حال المنظمة وتتطابق مع رؤية الادارة
العيا للمنظمة.؟ جواب هذا السؤال اتركه للطلاب انفسهم. وان كنت اعتقد جازماَ ان
معظمهم لم يفعلوا ذلك، على اعتبار ان هذا العمل هو منجز شخصي. فاذا لم يتم عرض
المخططات التي تمثل هياكل المنظمات على الادارة العليا للمنظمة، يمكن القول انها
الكارثة الثانية! في البحث العلمي. وقد يسأل سائل. اذن كيف ومتى يتم وضع مخططات الهياكل في البحوث والدراسات
العلمية.؟ الجواب سوف اتركه لاحقا، لاني بصدد ايضاح شي آخر اجده اكثر أهمية،
ويمكن أن يساعد على فهم الجواب لاحقاً. كنا قد اثرنا اشكالية ثانية، وهي ان معظم
الطلاب قد لا يفرق بين الهياكل الثلاث. حتى نجد البعض منهم يضع مخطط لهيكل تنظيمي
ويقول عنه اداري، او يضع مخطط لهيكل وظيفي ويطلق عليه هيكل تنظيمي. وتمضي الامور
على هذا الشكل، لاننا كما اشرت سابقا نبدوا غير مكترثين للامر من الناحية العلمية.
وهنا قبل التفكير في وضع مخطط لهيكل المنظمة ان نفهم الفروق الرئيسية بينها. ولنبدأ
من الهيكل الاداري. والذي يقصد به المخطط الذي يوضح العلاقات الادارية و هرمية
تدفق الاوامر والقرارات الادارية بين القيادات الادارية للمنظمة. بدأ من اعلى قمة
الهرم الاداري، نزولا الى اخر مستوى اداري يمتلك صلاحيات ادارية. وبشكل عام، هناك
نموذجين للهياكل الادارية، الاول يعكس نمط نظام الادارة المركزي، والاخر يعكس نمط
النظام اللامركزي. ولناخذ مثال لهيكل اداري لمكتبة جامعية حسب النظام المركزي.
لاحظ
ان تركيز في الهيكل الادري حسب النظام المركزي، يوضح علاقة المدير الاعلى بشكل
مباشر مع جميع مدراء الاقسام. اما اذا اعدنا رسم مخطط الهيكل الاداري حسب نظام
اللامركزي فسوف تكون النتيجة مختلفة وكالاتي:
لاحظ!
عدم وجود اي اتصال مباشر بين المدير العام، ومدراء الشعب الا من خلال مدراء
الاقسام. والان لننتقل الى النوع الثاني، من الهياكل والذي يطلق عليه الهيكل الوظيفي.
والذي يقصد منه المخطط الذي يوضح فيه آلية تقسيم المهام والوظائف، على الاقسام
الرئيسية للمنظمة، ومن ثم تقسيمها على المفاصل الفرعية، واهم ما يميز الهياكل
الوظيفية، قدرها على اعطاء صورة واضحة عن طبيعية المهام والوظائف التي تنجز في
داخل المنظمة، فضلا عن امكانية معرفة (من يفعل ماذا). وفي الهيكل الوظيفي، قد لا
نشغل انفسنا في طبيعة النظام الاداري. سواء أكان مركزياً ام لا مركزياً، وانما
نهتم بالصيغة التكاملية للوظائف والمهام التي تنجز في كل مفصل من مفاصل المنظمة. وحسب
المثال الاتي :
اما
النوع الثالث: فهو الهيكل التنظيمي، والذي يعد الاشمل والادق، لانه ببساطة مزيج
متكامل من الهياكل الادارية والوظيفية. بمعنى انه يرسم ملامح العمل الاداري والعمل
التنفيذي الذي يتم داخل المنظمة، فضلا عن اعطاء تصور واضح عن حجم المنظمة، من خلال
مستويات التدرج الاداري وحجم المسؤوليات والصلاحيات الممنوحة للمدراء والمسؤولين.
والتي تختلف من النظام المركزي عنه في النظام اللامركزي. علما ان المنظمات الكبيرة
غالبا ما تعمل بنظام توريث المركزية، من خلال تنازل الرئيس الاعلى للمنظمة، عن بعض
الصلاحيات للرئاسات الفرعية للمنظمة.
على
سبيل المثال يمكن ان يكون الهيكل التنظيمي لمكتبة جامعية كما في الشكل الاتي :
اهم
ما يمكن ان نلاحظه عن الهياكل التنظيمية، هو هذا المزيج بين مفاهيم الهياكل
الادارية والهياكل الوظيفية، حيث نلاحظ وجود تصور شامل عن طبيعة المهام والوظائف
التي تنجز في المكتبة، ومن المسؤول عن تنفيذها من خلال تقسيم الشعب الى وحدات
فرعية ذات تخصص دقيق، وعمل مفصلي محدد يتكامل تلقائيا ضمن حدود كل قسم من الاقسام.
بعد
محاولة التفريق بين الهيكل الاداري والوظيفي والتنظيمي. نعود الى السؤال السابق
الذي قلنا فيه: اذن كيف ومتى
يتم وضع مخططات الهياكل في البحوث والدراسات العلمية.؟
الجواب. في البحوث والدراسات، يجب علينا ان نتاكد اولا، اذا ما كانت المنظمة لم تضع لنفسها اي من الانواع الثلاث من الهياكل. فاذا تاكد لنا هذا، عندها يجب ان نحدد النوع الذي نحن بحاجة اليه، وهذا الشي له علاقة مباشرة بطبيعية واهداف البحث او الدراسة التي نحن بصددها. اما رسم المخطط فيحتاج الى اجراء مقابلات مباشرة مع الرئيس الاعلى للمنظمة، فضلا عن المدراء والمسؤولين للتعرف على: حركة تدفق الوثائق والمخاطبات الرسمية فيما بينهم وتسلسلها الهرمي، التعرف على طبيعة النظام الاداري اذا ما كان مركزياً أم لامركزياً، ومن المهم ايضا التعرف على المستويات الادارية للمنظمة اذا ما كانت مقسمة الى اقسام، والاقسام الى شعب والشعب الى وحدات. ويجب التعرف بشكل دقيق عن طبيعة المهام والوظائف التي تنجز داخل المنظمة وما هي الفلسفة المتبعة في توزيع المهام. التي قد تكون في الغالب تكاملية. وبغض النظر عن الهيكل الذي توصلت اليه، يجب اعادة عرضه على الادارة العليا لاخذ الملاحظات والتصويبات المحتمله، ومن ثم الحصول على الاقرار الرسمي والاعتراف الضمني ان المخطط الذي خرج به الباحث يمثل هيكل المنظمة.
بعد هذا العرض اتوقع ان نبتعد مستقبلا عن ارتجال
وضع المخططات التي نروم من خلالها تصوير هيكل المنظمة مالم ننفذ ما سبق.
شكرا دكتور موضوع مهم ومفيد جدا استفاديت منة هواي.
ردحذفشكراً جزيلا على هذة المعلومات التي استفدت منها كثيرآ جل احترام لكم دكتور
ردحذفالسلام عليكم دكتور شكرا للتوضيح ولدي سؤال حول الفرق بين الرسم الاول للهيكل الادري المركزي والرسم الثاني للهيكل الاداري اللامركزي علما من الملاحظ هو في الحالتين لا يوجد تواصل اداري بين المدير العام و مدير الشعبة وانما ينحصر اتصال المدير العام بمدير القسم فقط نحتاج الى إيضاح اكثر حول الفرق بين الادارة المركزية واللامركزية جزاكم الله خير
ردحذفاسف لم انتبه لتعليقك سابق الفرق واضح لو تدقق في الشكلين سوف ترى هناك خط مستقيم للمجير يتصل مع الجميع في المركزي. وهذا ينقطع وينتهي عند مسؤولي الشعب. تقبل احترامي
ردحذف