الدكتور طلال ناظم الزهيري
يزخر النتاج الفكري العربي والعالمي، بعدد
لاباس به من الكتب والمقالات التي تتخذ من قواعد الفهرسة او التقنين الدولي للوصف
الببليوغرافي محوراً لها. وكيف لا، وهي واحدة من أهم الأدوات المستخدمة في مجال
العمل المكتبي، فضلا عن اجماع اقسام المعلومات والمكتبات في الوطن العربي، على تدريس
هذه القواعد ضمن مراحلها التعليمية المختلفة.
ولعلها المادة الوحيدة التي تشترك
جميع اقسام المعلومات والمكتبات على تدريسها. حتى اصبح الحديث عن قواعد الفهرسة
تلك، يعد ثقافة معرفية عامة بالتخصص. لكن المشكلة الآن؛ هي ان هذا الكم الهائل من
النتاج الفكري حول موضوع التقنين وقواعد الفهرسة، لا ياتي بجديد إذ غالبا ما يتم
الحديث عن ملامح بسيطة من مراحل تطورها التاريخي والاختلاف بين طبعاتها فضلا عن اقسامها. فما ان تحصل عن كتاب او بحث او مقالة
او موقع على الانترنت. حتى تجد هذا السرد.
في المقابل كان هناك غموض يحيط بالدوافع الحقيقية
لوجود هذه القواعد او التقنين. وما هي مبررات الاستمرار في استخدامها. و اليوم نحاول
ان نلقي الضوء على هذا الجانب من موضوع قواعد الفهرسة الانكلو-أمريكية و التقنين
الدولي للوصف الببليوغرافي باعتبارهما معايير عالمية مطبقة في معظم مكتبات العالم،
ومنها بلا شك المكتبات في الوطن العربي.
بداية
لا بد لنا ان نسأل السؤال الاتي : لماذا نحن بحاجة الى وجود قواعد موحدة للفهرسة او
تقنين للوصف الببليوغرافي في مجال عمل المكتبات.؟ ...
الجواب
قد يكون ببساطة؛ لانها هذه القواعد تعد تقْنِين دولي يسمح لجميع المكتبات في العالم
ان تصف مصادر المعلومات بصيغة موحدة.
ويمكن ان نشتق سؤال ثاني وهو: ماذا نعني
بصيغة موحدة.؟ وما اهمية هذا التوحيد.؟ الجواب على هذا السؤال يتطلب منا مراجعة
مجموعة من الاحداث والتغيرات في ميدان عمل المكتبات. فمع نهاية القرن التاسع عشر،
حصل نمو هائل في حجم النتاج الفكري المنشور، وازداد عدد الكتب التي كانت تصدر
سنويا بمعدلات كبيرة. فضلا عن ظهور انواع اخرى من أوعية المعلومات. وامام رغبة
المكتبات على اختلاف انواعها، في اقتناء معظم ما ينشر، نمت مجاميع المكتبات بسرعة.
الامر الذي لم تعد فيه رفوف المكتبات في امريكا على سبيل المثال قادرة على ان تستوعب العدد الكبير من الكتب المضافة يوميا، بالتالي لم يعد توزيع كتب المكتبة وفقا لنظام الرف المفتوح [Open Bookshelf] السائد في معظم المكتبات آن ذاك، والذي كان يسمح للمستفيد بتفحص الكتب والوصول اليها بشكل مباشر مناسبا للمكتبات. لذا تحولت المكتبات الى نظام الرف المغلق [Close Bookshelf]. اذ تم نقل الكتب الى مخازن داخلية للاستفادة من المساحة واستيعاب الاعداد المتزايدة من الكتب. بالتالي لم يعد المستفيد قادرا على التعرف على ما موجود من كتب في المكتبة دون مساعدة. لهذا السبب، ظهرت الحاجة الى ابتكار وسيلة جديدة، يمكن من خلالها تمثيل الكتب في المخازن بطريقة تسمح للمستفيد في عملية البحث والتصفح لاجل التعرف على موجودات المكتبة حتى وان لم يدخل الى مخازنها. هذه الغاية، دفعت المكتبات الى التفكير بنوع جديد من الفهارس، يحقق هذا الهدف ويسمح بعملية التحديث المستمرة دون الاضرار بنمط الترتيب. فكانت الفهارس البطاقية.
وهي شكل من أشكال الفهارس، أنتشر استخدامه في المكتبات بشكل واسع منذ بداية القرن العشرين وخاصة بعدما قامت مكتبة الكونكرس بأصدار بطاقاتها المطبوعة عام 1901. يتكون الفهرس البطاقي من مجموعة من البطاقات التي سبق لجمعية المكتبات الأمريكية في عام 1876 أن وضعت معايير خاصة تحدد من خلالها حجم ومساحة وسمك تلك البطاقات التي يفترض استخدامها في فهارس المكتبات الأمريكية، مما يجعل صنعها وتصنيع خزاناتها موحدا في عموم المكتبات. بالتالي أتفق على مقاييس وابعاد ثابته وموحدة وملزمة لعموم المكتبات الامريكية، تكون فيها البطاقة بحجم.7,5 × 12,5سم (3×5) بوصة مصنوعة من ورق سميك نوعا ما وزنه بين (180 – 240غم ) وتكون البطاقة مثقوبة على ارتفاع نصف سنتيمتر من منتصف الحافة السفلى وتحفظ في أدراج خاصة وتكون مثبتة بواسطة قضيب معدني يمر في ثقوب البطاقة. هذه المقاييس الخاصة ببطاقة الفهرس اصبحت عالمية لاحقا. اما سبب اختيار ابعاد البطاقة بـ(3×5) بوصة تحديدا، فيرجع الى القرن الثامن عشر وتحديدا ايام الثورة الفرنسية 1789.
الامر الذي لم تعد فيه رفوف المكتبات في امريكا على سبيل المثال قادرة على ان تستوعب العدد الكبير من الكتب المضافة يوميا، بالتالي لم يعد توزيع كتب المكتبة وفقا لنظام الرف المفتوح [Open Bookshelf] السائد في معظم المكتبات آن ذاك، والذي كان يسمح للمستفيد بتفحص الكتب والوصول اليها بشكل مباشر مناسبا للمكتبات. لذا تحولت المكتبات الى نظام الرف المغلق [Close Bookshelf]. اذ تم نقل الكتب الى مخازن داخلية للاستفادة من المساحة واستيعاب الاعداد المتزايدة من الكتب. بالتالي لم يعد المستفيد قادرا على التعرف على ما موجود من كتب في المكتبة دون مساعدة. لهذا السبب، ظهرت الحاجة الى ابتكار وسيلة جديدة، يمكن من خلالها تمثيل الكتب في المخازن بطريقة تسمح للمستفيد في عملية البحث والتصفح لاجل التعرف على موجودات المكتبة حتى وان لم يدخل الى مخازنها. هذه الغاية، دفعت المكتبات الى التفكير بنوع جديد من الفهارس، يحقق هذا الهدف ويسمح بعملية التحديث المستمرة دون الاضرار بنمط الترتيب. فكانت الفهارس البطاقية.
وهي شكل من أشكال الفهارس، أنتشر استخدامه في المكتبات بشكل واسع منذ بداية القرن العشرين وخاصة بعدما قامت مكتبة الكونكرس بأصدار بطاقاتها المطبوعة عام 1901. يتكون الفهرس البطاقي من مجموعة من البطاقات التي سبق لجمعية المكتبات الأمريكية في عام 1876 أن وضعت معايير خاصة تحدد من خلالها حجم ومساحة وسمك تلك البطاقات التي يفترض استخدامها في فهارس المكتبات الأمريكية، مما يجعل صنعها وتصنيع خزاناتها موحدا في عموم المكتبات. بالتالي أتفق على مقاييس وابعاد ثابته وموحدة وملزمة لعموم المكتبات الامريكية، تكون فيها البطاقة بحجم.7,5 × 12,5سم (3×5) بوصة مصنوعة من ورق سميك نوعا ما وزنه بين (180 – 240غم ) وتكون البطاقة مثقوبة على ارتفاع نصف سنتيمتر من منتصف الحافة السفلى وتحفظ في أدراج خاصة وتكون مثبتة بواسطة قضيب معدني يمر في ثقوب البطاقة. هذه المقاييس الخاصة ببطاقة الفهرس اصبحت عالمية لاحقا. اما سبب اختيار ابعاد البطاقة بـ(3×5) بوصة تحديدا، فيرجع الى القرن الثامن عشر وتحديدا ايام الثورة الفرنسية 1789.
فبعد قيام الثورة وسقوط النظام الملكي قامت حكومة الثورة بمصادرة مكتبات
القصور والكنائيس والاديرة ومن ثم تحويلها الى مكتبات عامة، اذ تطلب الامر في
البداية جرد موجودات هذه المكتبات من الكتب، ولسبب ما استعمل العاملين المسؤولين
عن جرد الكتب (اوراق اللعب) لتسجيل البيانات الوصفية للكتب على ظهرها. علما ان
الحجم السائد لاوراق اللعب في تلك الفترة هو ذات الحجم الذي تم الاتفاق عليه لاحقا
ليكون حجم بطاقة الفهرسة المعياري.([1])
ولعل الاتفاق على هذه الابعاد والمواصفات، هو الذي فتح المجال في وقت لاحق، الى
امكانية تبادل البطاقات بين مختلف انواع المكتبات. عموما يمتاز الفهرس البطاقي
بسهولة استعماله ومرونته، وأمكانية التغيير والتعديل في تسلسل البطاقات، وأمكانية
إدخال بطاقات جديدة واستبعاد أخرى بسهولة. ومبدأ عمل هذا الفهرس، قائم على اساس ان
كل كتاب في المكتبة، يتم عمل بطاقة له أو اكثر، تدرج فيها المعلومات التي تصفه
وتوفر مفاتيح استرجاع يمكن من خلالها الوصول الى مكان الكتاب على الرف. على ان يتم
ترتيب هذه البطاقات داخل مجرات خشبية ليسهل على المستفيد مراجعتها والبحث من
خلالها على الكتاب او المصدر الذي يريده...
وبعد مرور عقدين من الزمن على بداية
استخدام البطاقات المطبوعة وتحديدا بعد نهاية الحرب العالمية الاولى، شهدت المكتبات
في الولايات المتحدة الامريكية نقص حاد في الموارد المالية والبشرية، لذا فكر
البعض من العاملين في المكتبات بموضوع (الفهرسة التعاونية)، والتي يقصد منها عملية
المشاركة بين مختلف المكتبات في عملية الفهرسة الوصفية والموضوعية، لمختلف انواع
مصادر المعلومات. اذ وجد هؤلاء، ان من غير المنطقي ان تعاد عملية فهرسة كتاب ما
مئات المرات، في الوقت الذي يمكن ان يتم انشاء نوع من التكتلات المكتبية، التي
تسمح بعملية تبادل بطاقات الفهرسة. اي عندما تقتني احدى المكتبات مجموعة من الكتب،
وتعد لها بطاقات وصفية؛ عليها ان تنسخ هذه البطاقات على عدد المكتبات داخل التكتل.
بالتالي عندما تقني مكتبة اخرى اي من تلك الكتب، لا تحتاج الى اعادة عملية فهرسته.
بل تكتفي بالافادة من البطاقة التي حصلت عليها سابقا.
لكن هذه التكتلات، ما كانت لتنجح في ظل
عدم وجود اتفاق ومبادئ مشتركة، عن شكل ومواصفات وماهية البيانات الوصفية لكل كتاب.
لذا وبعد مرور اكثر من نصف قرن، على الجهود المحلية في مجال وضع تقْنِين لوصف
المصادر وادراجها على بطاقات الفهرس؛ ظهرت الحاجة الى وجود إتفاق على البيانات التي
يتم من خلالها وصف مصادر المعلومات، وما هي طريقة ترتيبها ضمن المساحة التي توفرها
بطاقة الفهرس. وتجدر الاشارة الى ان جهود من هذا النوع قد تعود في بداياتها الى
نهاية القرن التاسع عشر، في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية لكن لم
يكتب لهذه القواعد ان تلتقي الا في مرحلة لاحقة.
وهنا نود ان نشير الى حدث مهم وقع عام 1957،
والذي اعتقد جازماً انه اسهم بشكل غير مباشر في توجيه انظار المكتبيين في الولايات
المتحدة الامريكية، الى اهمية الانتقال من الاطر المحلية الى الأطر الدولية في
مجال التقْنِين. ففي هذا العام، اطلق
الاتحاد السوفيتي السابق القمر الصناعي (Sputnik)
. وهذا الانجاز اعتبر من قبل المراقبين، مؤشر على تفوق الاتحاد السوفيتي في مجال الفضاء على
الولايات المتحدة الامريكية في زمن الحرب الباردة، التي كان من ابرز ملامحها سباق
التسلح، تلك الحرب استمرت من نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى العقد التاسع من
القرن العشرين، عندما تفكك الاتحاد السوفيتي. هذه الحادثة دفعت بالمؤسسات
الامريكية، ان تستشعر خطر التفوق السوفيتي في مجال الفضاء على وجودها. فرفعت شعار [A Nation at Risk] . واطلقت حملة لاعادة
النظر في برامجها على مستوى الفضاء والصناعة والزراعة والتعليم. و أهم ملامح هذه
المرحلة، هو التفويض الذي منحه الكونكرس الامريكي لمكتبة الكونكرس الامريكية، بمتابعة
واقتناء كل ما ينشر في العالم من كتب بغض النظر عن لغاتها. وتكفلت سفارات الولايات
المتحدة في عموم الدول بهذه المهمة، من خلال ملحقياتها الثقافية بمتابعة سوق النشر
المحلية لتلك البلدان. هذه الحملة وعلى مدى عشر سنوات، نقلت الى مكتبة الكونكرس في
الولايات المتحدة ملايين الكتب، من مختلف دول العالم وباختلاف موضوعاتها ولغاتها.
حتى اصبحت مكتبة الكونكرس، اعظم مكتبة في تاريخ البشرية بحجم مجموعتها. كذلك اصبح
فهرس مكتبة الكونكرس اعظم فهرس في العالم. وعلى الصعيد المادي، كان بامكان مكتبة
الكونكرس ان تستثمر فهارسها لاغراض تجارية، من خلال تصدير نسخ من بطاقات الفهرس
الى المكتبات الامريكية والعالمية. وبالتاكيد هذا يتطلب قبل كل شي ان تكون بطاقات
الفهرس المعدة في مكتبة الكونكرس الامريكية تصلح للاستخدام في اي مكتبة اخرى، سواء
أكانت امريكية او في اي دولة اخرى. وهذا ايضا يعد دافعا حقيقيا للذهاب الى القواعد
الدولية للفهرسة في مجال عمل المكتبات عموما.
هذه الحوادث مجتمعة اعادة الى الواجهة
محاولات جمعيتي المكتبات البريطانية والامريكية للتعاون في مجال وضع قواعد
موحدة للفهرسة، اذ كانت قد اثمرت عن صدور أول تقْنِين ذا طابع دولي مشترك بينه،ا وذلك
في نهاية عام 1908 بعنوان: قواعد الفهرسة ؛ مداخل المؤلف والعنوان Cataloging
Rules; Author and Title Entries . والذي توقف العمل به
بسبب ظروف الحرب العالمية الاولى. ثم عادت عمليات المراجعة
لتلك القواعد قبل 1939، ولكن وبسبب ظروف الحرب العالمية الثانية تعطل الاتصال بين
الجمعيتين مرة اخرى. بالتالي نُفّذت المراجعة النهائية بواسطة المكتبيين الأمريكيين
وحدهم، وصدر التقْنِين في طبعة تمهيدية سنة 1941 في قسمين: الأول خاص بالمداخل
والرؤوس، والثاني خاص بالوصف. وفي سنة 1949 صدر الجزء الأول بعنوان: قواعد الفهرسة
لمداخل المؤلف والعنوان. Cataloging
Rules for Author and Title Entries.
على اعتبار أنه الطبعة الثانية، في العام
ذاته أصدرت مكتبة الكونكرس قواعدها الخاصة ببيانات الوصف بعنوان: قواعد الفهرسة
الوصفية في مكتبة الكونكرس Rules
for Descriptive Cataloging in Library of Congress.
في
عام 1966 عادت مرة اخرى الجهود التعاونية في مجال مراجعة وتحديث قواعد الفهرسة بين
المملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الامريكية، لتثمر عن صدور النص
الامريكي من Anglo-American
Cataloging Rules.
وفي
عام 1967، اي بعد عام واحد، صدر النص البريطاني لتلك القواعد. وتجدر الاشارة
الى ان كلا النصين، كانت تتبع مقررات باريس، التي تبناها المؤتمر الدولي
لقواعد الفهرسة الذي عقد 1961. وبعض القواعد، تختلف في ما بين النصين الأمريكي
والبريطاني. ولكنهما بالإضافة إلى الكتب كانا يعالجان المخطوطات، والخرائط،
والموسيقى، والصور المتحركة، والشرائح والتسجيلات الصوتية، والصور والرسومات،
والتكوينات الأخرى ثنائية الأبعاد.
ثم صدر في 1974 تعديل للفصل السادس الخاص بوصف الأعمال المنفردة والفصل التاسع
الخاص بوصف المستنسخات التصويرية وغيرها. وفي 1975 صدرت طبعة جديدة مراجعة ومنقحة
من الفصل الثاني عشر الخاص بالأوعية السمعيبصرية والمواد التعليمية الخاصة. وفي
1976 صدر الفصل الرابع عشر الخاص بأوعية التسجيلات الصوتية. وفي ديسمبر 1978 صدرت
الطبعة الثانية من التقنينات وهي المعروفة باسم .
Anglo-American Cataloging Rules (AACR2) وقد اشترك في إصدار هذه الطبعة جمعية المكتبات
الأمريكية، ومكتبة الكونكرس، وجمعية المكتبات البريطانية، واللجنة الكندية عن
الفهرسة. وتتكون الطبعة الثانية من قسمين رئيسيين، بدلا من الأقسام الثلاثة التي
تضمنتها الطبعة الأولى:
القسم الأول، خاص بالوصف
لمختلف أوعية المعلومات. ويتكون من القواعد العامـة للوصف: وصف الكتب والنشرات،
والمواد الخرائطية، والمخطوطات، والموسيقى، والتسجيلات الصوتية، والصور المتحركة
والتسجيلات المرئية، والمواد المرسومة (الرسومات، والصور، والرسوم الفنية،
والشرائح، والشرائِح الفيلمية،... ) وملفات البيانات المقروءة آلياَ، والمصنوعات
الفنية والحقيقيات ذات الأبعاد الثلاثة، والأوعية المصغرة، ثم المسلسلات.
أما القسم الثاني،
فهو خاص بمداخل تلك الأوعية، ويشتمل على الفصول التالية: اختيار مداخل المؤلفين
والعناوين، الرؤوس أو أشكال مداخل الأشخاص، والأسماء الجغرافية، ومداخل الهيئات،
والعناوين المقننة، ثم الإحالات وسجل استناد الأسماء.
وهذا القسم بالتحديد فسح المجال لتوفير خيارات بحث متعددة، من خلال تقسيم الفهارس
البطاقية الى ثلاث اقسام: الاول يسمى فهرس المؤلفين والذي يتم فيه ترتيب البطاقات
هجائياً حسب اسم المؤلف. والثاني فهرس العناوين الذي ترتب فيه البطاقات هجائيا حسب
عنوان الكتاب، وفهرس المواضيع والذي ترتب فيه البطاقات هجائيا حسب رأس الموضوع مع
امكانية اعداد بطاقات اضافية في وجود اكثر من رأس موضوع. بالتالي اصبح بامكان
المستفيد ان يعثر على الكتاب سواء عن طريق مؤلفه او عنوانه او موضوعه. وهذه الميزة
لم تكن توفرها الانواع الاخرى من الفهارس.
وعلى
الرغم من اجراء العديد من التعديلات والتحديثات على قواعد الوصف بعد عام 1978 الا
ان اللجان المشتركة فضلت ان تبقي هذه العمليات ضمن مجال الطبعة الثانية على انها
مراجعات وليست طبعة جديدة، إذ استمرت عمليات المراجعة حتى عام 2005. للتوقف تماما
عند هذه السنة.
باتجاه
موازي كان الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات [IFLA] قد اصدر التقْنِين الدولي للوصف الببليوغرافي . International Standard Bibliographic Description المعروف اختصاراً [ISBD]. والذي كان واحدا من أهم الاهداف الاساسية لهذا التقْنِين؛
هو تقديم نموذج موحد من الوصف الببليوغرافي لمختلف انواع مصادر المعلومات في عموم
المكتبات العالمية، إذ اختص كل مجلد منه بنوع معين من انواع مصادر المعلومات: (كتب، دوريات، مواد سمعية...الخ). الامر الذي سمح لاحقا في تهيئة الظروف لتبادل التسجيلات
الببليوغرافية على المستوى الدولي، وهذا من شأنه ان يدعم البرنامج العالمي للضبط
الببليوغرافي. وبالرغم من وجود تشابه كبير في قواعد الوصف بين قواعد الفهرسة
الانكلو-امريكية، والتقْنِين الدولي للوصف الببليوغرافي، الا ان ما يميز التقْنِين
الدولي هو استخدام علامات الترقيم الموحد مثل (كولون، الفاصلة المنقوطة، مائلة،
شرطات، الفواصل، وفترات) لتحديد وفصل العناصر والحقول والمجالات. ويرى
البعض ان ترتيب العناصر وعلامات الترقيم الموحد كان يسهل عملية تفسير التسجيلات
الببليوغرافية، بغض النظر عن اللغة المكتوبة بها. ومن وجهة نظري ان هذه العلامات
والتنقيطات كانت لغاية اكبر من ذلك، اذ اسهمت هذه العلامات في بناء لغة قريبة من
لغة الالة، لذا يعتقد ان تلك العلامات كانت الغاية منها تمكين الحواسيب من فهم
بيانات وحقول الوصف، بغض النظر عن اللغة المكتوبة بها. وهناك قضية اخرى لا تقل
اهمية عن علامات التنقيط وهي المسافات الخاصة بمواضع ادارج البيانات على البطاقة،
اذ يمكن تقسيمها الى:
البعد الاول
: يبدأ على مسافة 8 مسافات طباعية من الحافة
اليمنى للبطاقة التي تدرج بياناتها باللغات التي تكتب من اليمين الى اليسار، والحافة اليسرى باللنسبة للغات التي تكتب من
اليسار الى اليمين. ويستخدم هذا البعد في تسجيل
رقم التصنيف و تسجيل المدخل الرئيسي. والبيانات التي يتم من خلالها استكمال تسجيل باقي
حقول الوصف الببليوغرافي.
البعد الثاني:
يبدأ بعد
12 مسافة طباعية: يستخدم عند تسجيل الحقل الاول من حقول الوصف الببليوغرافي (حقل العنوان:
بيان المسؤولية) ، وعندما تبدأ في تسجيل أي حقل في فقرة جديدة مثل حقل الوصف المادي
- حقل التبصرة، وعندما نسجل مدخل الرئيسي بالعنوان فتكمل الحقول على البعد الثاني
وتسمى ( البعد المعلق).
البعد الثالث
: يبدأ على 14 مسافة : ويستخدم في حالة أن
يكون المدخل الرئيسي للمؤلف طويلا فيكمل على البعد الثالث , وايضا عندما يكون
المدخل الإضافي طويلا فتكمل على البعد الثالث .
الجدير بالذكر ان هذه الابعاد
عبارة عن خطوط وهمية غير محسوسة. بالتالي فأن احتمال الخطأ فيها وارد، ولم اجد اي
دلالة على حدوث خلل معين في حال اخطأ الطابعي وقام بادراج بيانات حقول الوصف
الببليوغرافي على المسافة 11 او 13 بدلا من 12. فضلا عن ذلك لم اجد فائدة تذكر
لهذه الابعاد بالنسبة للمستفيد او المكتبي. لذا من حقنا القول ما مبرر وجود قواعد
ملزمة لهذه الابعاد مالم تكن لها فائدة حقيقية.؟ انا
اعتقد ان تلك الابعاد والمسافات الطباعية، لم تكن موجه بالاصل للمستفيد او
المفهرس، بل يتم الافادة منها في مرحلة انتاج بطاقات الفهرس كمخرجات من نظام فهرس
آلي، اذ تمثل هذه المسافات نوع من انواع المؤشرات للمكان المخصصة لادراج بيانات
بعينها. حتى تتوافق البطاقات التي يتم انتاجها آليا مع تلك البطاقات التي تمت
طباعتها يدوياً. واليوم معظم المكتبات العالمية تزاوج ما بين قواعد الفهرسة
الانكلو-امريكية؛ والتقْنِين الدولي للوصوف الببليوغرافي على مستوى تنفيذ الفهرسة
الوصفية لمختلف انواع مصادر المعلومات لمتطلبات الفهارس البطاقية او اعداد القوائم
الببليوغرافية. إذن النتيجة النهائية لفوائد تطبيق هذه المعايير في المكتبات
العالمية كانت تحقق الاتي :
1. مرونة في تبادل التسجيلات
الببليوغرافية على المستوى العالمي.
2. خفض تكاليف عملية الفهرسة
بوجود برامج الفهرسة التعاونية.
3. تجاوز الاختلافات في القواعد
والصياغات بين مختلف اللغات العالمية.
4. تبسيط اجراءات اصدر القوائم
الببليوغرافية على المستويات المحلية والدولية.
5. تسهيل تنفيذ عملية الفهرسة اثناء النشر.
والآن علينا ان نتسأل ايضاً: الى اي مدى مازالت هذه
المعايير والقواعد مهمة في عصر الفهارس الالية. ؟ . وما اهمية التركيز عليها في
برامج تاهيل العاملين في مجال المكتبات.؟ خاصة ونحن ندرك ان الكثير من المكتبات
العالمية والعربية قد هجرت الفهرس البطاقي. وتحولت كليا الى نظم الفهارس الآلية، ولم
تعد البطاقة بكل تعقيدات ادراج البيانات الوصفية فيها بذات الاهمية التي كانت
عليها في القرن العشرين. ان تخلف مكتباتنا، التي لا تزال تعتمد على الاساليب
التقليدية في تنفيذ عمليات الفهرسة و بناء الفهارس البطاقية، ليس حجة على اقسام
المعلومات والمكتبات لتبقي على تدريس قواعد ومعايير لم تعد من ضمن أولويات العمل
المكتبي. انها دعوة صريحة للتحول الى استثمار الوحدات الدراسية التي كانت مخصصة
لدراسة قواعد الفهرسة الوصفية والموضوعية في استحداث مقررات دراسية تواكب التطورات
التكنولوجية في حوسبة المكتبات. من غير المنطقي ان يتخرج طالب من قسم المعلومات
والمكتبات في جامعاتنا العراقية لا يعرف عن [Marc] سوى انه الفهرسة المقرؤءة آليا. ومن غير المنطقي ان نستهلك المدارك
المعرفية لطلابنا في التركيز على قواعد وتقنينات ناتجها النهائي طباعة بطاقة اختفت
او سوف تختفي من الوجود في المستقبل المنظور. ان الدعوة للتحول عن تدريس قواعد
الفهرسة والتقنين الدولي للوصف الببليوغرافي الى معايير الاتاحة الرقمية، لا يعني
انكار اهمية الدور الذي قامت به هذه الادوات على مدى العقود الخمسة الماضية. ولكن من
غير المنطقي ان نستمر في التركيز عليها واهمال ما هو اهم منها. خاصة موضوعات مهمة
مثل: [MARC, RDA, METADATA, [.
[1] .
Sandy Brooks' article "A history of the card catalog" in Eberhard,
George M. 2000. The whole library handbook 3: current data, professional
advice, and curiosa about libraries and library services. Chicago, Ill:
American Library Association.
دائما سباق بعلمك ومعرفتك بارك الله فيك وربي يوفقك استاذي العزيز
ردحذفافهم من كلامك يجب تدريس الفهارس الاليه والنظم الاليه او الفهرسه الالكترونيه والاتجاه نحو الرقمنه لما يستوجب عصر الرقمنه والعولمه
دكتور تنقصنا البيئه التكنلوجيه هي جدا ضعيفه لذا تجدنا من الصعوبه التعامل مع كل جديد ومستحدث البنيه التحتيه التكنلوجيه الرقميه ضعيفه في كل مجالات حياة العمل
لك مني كل الاحترام والتقدير دكتور
نعم هذا ما اقصده. يجب ان يتحول التركيز في التعليم من ادوات الاساليب التقليدية الى الاساليب والادوات التكنولوجية
حذفمقال قيم كما عهدنا من سعادتكم ، زادكم الله تعالى علما وحكمة وعطاء.
ردحذفاشكرك د. اماني هذا من ذوقك وحسن اطلاعك.
ردحذفروعة فقط أستاذنا الفاضل نبحث عن القواعد العملية للفهرسة
ردحذفشكرا جزيلا لحضرتك د. طلال وبارك الله فيكم مقال رائع
ردحذفاولا شكرا دكتور وانا اوفقك الراى تماما بالرغم ما تعنيه فعلا بنيتنا التحتية من قصور وضعيفة جدا جدا واهمال من قبل الدولة ولكن الواقع يفرض نفسه ويجب مسايرته حتى نستطيع موازنة بين التقليدي والرقمى والا سنصبح العالم .... وولكن يجب الاتجاه الي تدريس الفهارس الاليه والنظم الاليه او الفهرسه الالكترونيه والاتجاه نحو الرقمنه لما يستوجب عصر الرقمنه ومحاواة بكل السبل توفير ابجديات تدريس هذه المواد وفعلا ليس من المقبول تخريج دفعات لا تعرف من الفهرسة الالية اونظم الالية ومارك او ميتاداتا الا الاسم فقط .... ثالثا بارك الله فيك وربي يوغفقك ويجفطظ
ردحذف