ما الذي قاله عمرو أديب ولم نكن نسمعه منذ ربع قرن!! - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الجمعة، 27 أكتوبر 2017

ما الذي قاله عمرو أديب ولم نكن نسمعه منذ ربع قرن!!



الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ المعلومات في الجامعة المستنصرية
بتاريخ 22 تشرين أول 2017 وفي برنامجه اليومي ( كل يوم) تناول الاعلامي المصري عمرو أديب موضوع التخصصات الاكاديمية ومدى استجابتها لسوق العمل سواء في مصر ام في العالم العربي. وعلى الرغم من تحفظي الشديد على الطريقة التي تناول فيها الموضوع عندما أشار الى جدوى الدراسة في قسم المكتبات في كلية الاداب. معتبرا ان ثقافة القراءة في المجتمع المصري والعربي في ادنى صورها حالياً، فضلا عن تراجع دور المكتبات بشكل كبير.

 في المقابل ظهرت ردود افعال كبيرة ومن شخصيات مؤثرة في هذا التخصص انتفضت مدافعة عن أهمية التخصص ودوره في ادارة المكتبات ومراكز المعلومات. والبعض من هذه الاصوات ذهب الى ابعد من ذلك عندما وجه كم من الشتائم للاعلامي المصري واتهمه بالجهل فقط لانه صرح بشيء كان يطرق مسامعنا بصورة مباشرة وغير مباشرة منذ اكثر من ربع قرن.  انا اعتقد ان سبب الغضب لم يكن مرتبط بما قاله عمرو اديب اصلا!!، وانما لان عمرو أديب هو الذي قاله وليس شخصاَ آخر!! ومن خلال برنامج جماهيري يشاهده عدد كبير من المصرين والعرب. بالتالي ينطبق علينا قفشة احمد مكي في فلم طير انت: ( If In public without feeling so what!! ) المشكلة ان الاعلان كان في العلن. حتى ان جمعية المكتبات المصرية اصدرت بيان احتاج على الاعلامي في هذا الشأن. وهنا لا اريد ان اكون الصوت النشاز الذي يخرج عن اجماع المتخصصين في هذا المجال بصراحة شديدة لا استطيع ان ادعي ان تصريح عمرو أديب كان قد استفزني، ولم اشعر للحظة واحدة ان فيما قاله اهانه من نوع ما نحو التخصص او مؤسسات المكتبات. نعم انها الحقيقية الجارحة التي كنا نتحاور فيها احيانا و نتغافل عنها احيان اخرى. لو لم نكن متفقين ضمنا مع ما قاله عمرو أديب اذن لماذا كنا وما نزال نحاول تغير مسميات اقسام المكتبات الى مسميات اخرى مثل قسم المعلومات، لو كنا حقا نفتخر بما نحن عليه كما ادعى الكثير من الاخوة اذن ما مبرر التغير!!. يبدوا ان سياسية التغير كانت في حقيقتها كذر الرماد في عيون الالاف من الشباب الذين وجدوا انفسهم مختارين احيانا ومجبرين في اخرى في ان يكونوا طلابا في هذا التخصص. هل كنا نحاول ان نخدعهم بالقول ان تخصصهم هو علم المعلومات وان مهنتهم المستقبلية هي اخصائي معلومات والتي تعني امتلاكهم مهارات تقنية وتكنولوجية تمكنهم في التحكم بالمعلومات ومصادرها الورقية والرقمية. اذن لماذا كل ردود الافعال والدفاع عن تخصص (المكتبات) الذي كنا انفسنا نحاول ان نغادره منذ اكثر من ربع قرن. انا على الصعيد الشخصي مؤمن ان اي تخصص أكاديمي ماضي الى الزوال طالما لا يستجيب لحاجات سوق العمل. كما اني على يقين ان اي تخصص أكاديمي لا يمنح المتخرج فرصة العمل في القطاعين الخاص والعام وبفرص متساوية هو تخصص غير جاذب. ان من ذهب الى اهمية دور المكتبي اقول له لا يوجد دور مهني غير مهم  طالما فيه خدمة للمجتمع. ومن ذهب الى اهمية المكتبات اقول له كل المؤسسات العامة مهمة طالما ينتفع منها المجتمع. اذن الدفاع الحقيقي عن التخصص يبدأ من الاقرار بأهمية البحث عن تخصص أكاديمي جاذب للطلبة ويستجيب لطموحات الشباب المستقبلية فضلا أهمية فك ارتباط مسمى التخصص بمؤسسة ما. انا على الصعيد الشخصي اعمل مع بعض الزملاء في العراق لوضع دراسة لاستحداث تخصص اكاديمي باسم (( تكنولوجيا ادارة المعرفة)) نطمح به ان نغادر كلية الاداب ونبتعد عن محور الدراسات الانسانية. والذي سيكون من ضمن اهدافه اقرار مناهج ومقررات علمية يمكن من خلالها اعداد وتاهيل الملاكات الاكاديمية التي تمتلك مهارات التعامل مع كل انواع التقنيات اجهزة وبرمجيات وتطبيقات موجهة للتعامل مع المعرفة في اشكالها الرقمية والتقليدية. ومما لا شك فيه ان مهارات تكنولوجيا ادارة المعرفة سوف تخدم مؤسسات المكتبات التقليدية والرقمية ايضاً ولكنها لن تكون رهينة بها. واذا ما كتب لهذه الخطوة النجاح عندها فقط سوف نكون قد انتصرنا للتخصص والمهنة.   

هناك تعليق واحد: