مُعَرف الكائن الرقمي [DOI] لوصف وترميز مصادر المعلومات في البيئة الرقمية - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الثلاثاء، 12 مارس 2019

مُعَرف الكائن الرقمي [DOI] لوصف وترميز مصادر المعلومات في البيئة الرقمية


 الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ نظم استرجاع المعلومات في الجامعة المستنصرية
تعد الانترنت في جيلها الثاني انطلاقة حقيقية للنشر الرقمي، اذ ساعدت ادواتها في تحقيق قفزة نوعية في مجال الاتاحة الرقمية لمصادر المعلومات، ومع تطور تقنيات تكشيف محتوى الملفات والمستندات بالصيغ المختلفة، سواء ما كان منها بصيغة [PDF] او اي صيغة اخرى، أصبح بامكان دور النشر العالمية لمختلف انواع مصادر المعلومات ان تجد لها مكانا خاصاً على بيئة الشبكة للنشر الرقمي سواء أكان مقابل ورقي او ورقمياً خالصاً.
هذا الاأمر فتح المجال الى انطلاق سياسية الوصول المفتوح  Open Access للبحوث والدوريات العلمية، وهي آلية يتم من خلالها نشر مخرجات الابحاث العلمية الأكاديمية عبر الانترنت واتاحتها بشكل مجاني ودون عوائق، على ان يتم تعويض كلفة النشر من خلال رسوم الاشتراك والتحميل. وعلى الرغم من مقاومة بعض مؤسسات النشر العملاقة لهذه السياسية ومحاولة اضعاف الاعتراف الاكاديمي بهذا النوع من المصادر، الا ان الميزات الكبيرة التي رافقت ظهور مصادر الوصول المفتوح و زيادة الاعتماد عليها اضعف مقاومة دور النشر الورقية ودفعها باتجاه الانضمام الى ركب الناشرين في البيئة الرقمية. بالتالي دور النشر تلك حاولت ان تخرج بسياسية الوصول المفتوح من قالبها العشوائي الى اطار اكثر تنظيماً يضمن حقوق المؤلف من جهة، ويسمح للمستفيدين من الانتفاع بالابحاث والدراسات العلمية. لهذا السبب انضم اكثر من 3000 ناشر يمثلون اكثر من 4300 مؤسسة الى جمعية غير ربحية اطلق عليها اسم [Crossref] لتمثل الناشرين الذين يمتلكون نماذج لاعمال رقمية متنوعة داخلة ضمن اطار الوصول المفتوح. مع هذا فأن هذه الجمعية لا توفر قاعد بيانات للمحتوى العلمي بالنصوص الكاملة، بدلا عن ذلك فانها تقدم سلسلة من الروابط التي تسهل على المستفيدين الوصول الى المحتوى الموزع في مختلف المواقع.
 ترتبط [Crossref]  بملايين المواد، وتحتوى على مجموعة متنوعة من مصادر المعلومات، بما في ذلك المجلات والكتب والمؤتمرات وورقات العمل والتقارير الفنية ومجموعات البيانات. و يتضمن المحتوى المرتبط مواد من العلوم العلمية والتقنية والطبية (STM)  والعلوم الاجتماعية والإنسانية (SSH). يتم تمويل هذه الجمعية من قبل الناشرين  الأعضاء.
يوفر [Crossref]  البنية الأساسية والتقنية والتجارية لتوفير هذا الارتباط المرجعي باستخدام مُعَرفات الكائنات الرقمية التي سوف ناتي على ذكرها بالتفصيل.
تمتاز[Crossref] بعقد اتفاقات لتحقيق الترابط بين المشاركين. من خلال موافقة الأعضاء على تعيين ملفات لتعريف الارتباط لمحتوى اليوميات الخاص بهم ، كما يوافقون أيضًا على الربط بين المراجع والاستشهادات الموجودة في بحوثهم ودراساتهم إلى محتوى ناشرين آخرين. هذه المعاملة بالمثل عنصر مهم في ما يجعل النظام يعمل بشكل يضمن للمنظمات من غير الناشرين المشاركة في [Crossref]. وتشمل هذه المنظمات المكتبات ومواقع الدوريات على الإنترنت و مزودي الخدمات ومقدمي قواعد البيانات الثانوية ومحركات البحث ومقدمي أدوات اكتشاف المقالة. 
بالاشارة الى ان [Crossref] ليست قاعدة بيانات بمحتوى المجلات و الكتب والأنواع الاخرى من مصادر المعلومات الرقمية، بالتالي ما تقدمه هو روابط لمواقع وجود هذا المحتوى. وهذه الروابط في الواقع هي مسار محدد لمكان وجود المحتوى. او ما تعرف بموقع الموارد الموحد [Uniform Resource Locator] ويعرف اختصاراً بـ [URL] والذي يتكون مجموعة من المعطيات التي تشكل في مجموعها مسار محدد لمكان وجود المحتوى على الانترنت.     
في سياق متصل يحدث احيانا ان يصبح مسار الموقع غير صالح لاسباب تتعلق بتغير الاستضافة او غلق الموقع او تغير في عنوانه. بالتالي الرابط قد لا يؤدي الى نتيجة حقيقية، وفي مجال البحث العلمي هذه مشكلة، اذ قد تتعرض مصداقية الباحث للشك اذا لم يتم الوصول الى موارد الاستشهادات. وعليه أصبح البحث عن آلية جديدة مطلب مهم لتجاوز هذه المشكلة. لذلك قام المشاركون في Crossref بتطوير نظام يوفر وظيفتين أساسيتين: (Shang & Kevin, 2016)
1.    يعين لكل مقال "مُعَرفا فريدًا ونظام توجيه أساسي" يعمل كدليل لتوجيه القراء إلى المحتوى، بغض النظر عن مكان وجود هذا المحتوى.
2.      يعمل  كآلية ربط أساسية "متضمنة" في قوائم مراجع المقالات الإلكترونية.
أطلق على النظام الجديد اسم مُعَرف الكائن الرقمي[DOI]  Digital Object Identifier وهو عبارة عن سلسلة من المحارف الأبجدية والرقمية الفريدة يتم تعيينها من قِبل وكالات التسجيل الرسمية  DOI Registration Agencies لتحديد المحتوى وتوفير رابط دائم لموقعها على الإنترنت. واهم هذه الوكالات كما ذكرنا سابقا هي [Crossref] التي تهتم بمحتوى مخرجات البحث العلمي والمهني. فضلا عن مقالات المجلات والكتب ووقائع المؤتمرات وما إلى ذلك. كما تهتم  بتضمين الروابط المرجعية في قاعدة بياناتها للمعلومات القابلة للبحث.
أن جوهر الاختلاف بين [DOI]  و [URL] هي ان الاخير يوفر رابط الى مكان وجود المحتوى، في الوقت الذي يوفر [DOI] رابط الى المحتوى نفسه بغض النظر عن مكان وجوده. ومن الجدير بالذكر ان تصميم نظام [DOI]  كان من أجل تحقيق قابلية التشغيل البيني: أي استخدام مخططات المُعَرف والبيانات الوصفية الحالية للمحتوى أو العمل معها. يمكن أيضًا التعبير عن أسماء [DOI]  كعنوان URL وعنوان بريد إلكتروني ومُعَرفات أخرى وبيانات وصفية.  علما ان المكونات الوظيفية لبناء الجملة والوصف لنظام مُعَرف الكائن الرقمي وبشكل دقيق كان قد تم تضمينه في المواصفة القياسية [ISO 26324: 2012] التي تعطي ايضا المبادئ العامة لانشاء وتسجيل اسماء [DOI].
تشرف المؤسسة الدولية IDF [International [DOI] Foundation] على تسجيل الناشرين في مختلف دول العالم و تخصص لكل منهم رقم فريد يوظف في عملية بناء مُعَرف الكائن الرقمي. وفقا للصيغة المبينة في الشكل الاتي:


والرقم المخصص للمحتوى الرقمي في أغلب الاحيان هو الرقم المعياري للكتب [ISBN] او الرقم المعياري للدورية [ISSN] او بيانات العدد للمجلة، في حالة ان وعاء المحتوى هو كتاب ام دورية. هذه الصيغة يمكن من خلالها الوصول المباشر الى الكائن الرقمي. حيث ان ادراجها يتم مع بيانات الوصف [Metadata] الخاصة بالمصدر مع الوسم [DOI]. علما ان معظم معايير بناء الاستشهاد المرجعي تتيح امكانية ادراج مُعَرف الكائن الرقمي للمصادر المستشهد بها في الاعمال البحثية مع بيانات الوصف. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق