التصنيف العالمي للجامعات : واقع حال الجامعات العراقية وسبل النهوض بها - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الاثنين، 7 نوفمبر 2016

التصنيف العالمي للجامعات : واقع حال الجامعات العراقية وسبل النهوض بها



الدكتور طلال ناظم الزهيري
أستاذ المعلومات في الجامعة المستنصرية
لا اعرف كيف ومتى، اصبحت نتائج المؤشرات العالمية لتصنيفات الافضلية للجامعات، تحظى بكل هذا الاهتمام من قبل القيادات الادارية والعلمية في الجامعات العراقية. التي تحرص سنويا على الاعلان عن ترتيبها وفقاً لنتائج تلك المؤشرات العالمية. وقد يصل الامر!، الى ان تشاهد بوسترات تهنئة معلقة في اروقة الجامعة يبارك فيها المنتسبين رئيس الجامعة و وزير التعليم العالي على مستوى تقدم ومكانة جامعتهم، بعد ان احتلت المرتبة الاولى او الثانية واحيانا الثالثة... في المقياس العالمي (...).
وفي زاوية مظلمة من البوستر، قد تنتبه او لا تنتبه لعبارة كتبت، وكأن كاتبها قصد ان لا يقرأها احد. تقول (عراقياً). اي ان الجامعة (س) أحتلت المرتبة الاولى، مقارنة بالجامعات العراقية فقط. ولعل بعض الجامعات لا يضيرها ان تقول المرتبة 40 عربيا، بوجود (22) دولة. اما على المستوى العالمي اكيد الترتيب يتجاوز 600 فما فوق، في عالم يتكون من (196) دولة تقريبا. اذن المحصلة النهائية التي نصل اليها، ان الجامعات العراقية متاخرة جدا حتى على المستوى العربي. وعليه ما كل هذه الضجة على الترتيب المحلي!!. وما مبرر مشاعر الفخر التي تشعر بها القيادات الادارية والعلمية للجامعات العراقية. الجواب ببساطة (استهلاك محلي). لكن ومن باب الانصاف ايضا علينا ان نعترف ان تقدم جامعات المحافظات في الترتيب العام على جامعات العاصمة بغداد العريقة، يعد مكسبا لتلك الجامعات. في الوقت نفسه يعد موقفا محرجاً للجامعات الاخرى.
عموما نحاول هنا ان نلقي الضوء على المقاييس العالمية المعتمدة في تصنيف الجامعات والمنهجية المتبعة في احتساب نقاط المفاضلة. ومدى امكانية الركون اليها في تحقيق الافضلية:
 

1. التصنيف الأكاديمي لجامعات العالم  Academic Ranking of World Universities  (ARWU)  الذي بدأته جامعة شنغهاي جياوتونغ عام ٢٠٠٣ في الصين . والمعروف أيضا باسم تصنيف شنغهاي. المنهجية المتبعة في هذا المقياس تعتمد على نقاط المفاضلة الاتية :
 
تجدر الاشارة الى ان اي جامعة عراقية لم تظهر في هذا المقياس منذ اطلاقه.. 

2. تصنيف مجلة التايم للتعليم العالي للجامعات العالمية [Times Higher Education]. المعروف اختصاراً. [THE]. ويعد واحد من افضل المقاييس العالمية لتصنيف الجامعات العالمية والذي يعتمد على 13 مؤشر موزعة على خمس محاور : هي التعليم ، البحث، الاستشهادات، النظرة الدولية، دخل الصناعة. وكما مبينة في الجدول الاتي :

وهذا التصنيف ايضا لا يشمل اي جامعة عراقية. وهي نتيجة متوقعة اذ ان اكبر الاوزان مخصصة لمؤشر السمعة والتي يقصد بها السمعة الدولية الي تحظى بها الجامعة على المستوى العالمي. وفي ظل الظروف الراهنة انخفض مؤشر السمعة للجامعات العراقية الى مستويات متدنية جدا، لاسباب عديدة لا مجال الى ذكرها الان. فضلا عن ضعف الجامعات العراقية في المؤشرات الاخرى. 

 3.  مقياس مؤسسة Quacquarelli Symonds البريطانية المعروف اختصاراً بـ[QS] وهذا المقياس هو الوحيد الذي ظهرت فيه الجامعات العراقية خلال السنوات الخمس الاخيرة . وتتميز منهجية باحتساب نقاط المفاضلة على اساس المؤشرات المبينة في الجدول الاتي: 

وفقا لهذا المقياس حصلت جامعة بغداد على المرتبة 601 عالميا. في الوقت الذي ابتعدت فيه جامعة الكوفة عن الحد الاعلى للمقياس حتى المرتبة 700. وكما مبينة في الشكل الاتي:



 وعلى المستوى العربي ظهرت اربع جامعات عراقية ضمن افضل 50 جامعة عربية وهي على التوالي جامعات (بغداد و بابل والنهرين و المستنصرية) . وكما مبينة في الشكل الاتي :


في الوقت الذي ابتعدت فيه جامعات عراقية اخرى، مثل البصرة والتكنولوجية والسليمانية والانبار وكربلاء والكوفة لتكون في مراتب متاخرة ضمن قائمة 100 جامعة عربية. وتجدر الاشارة الى ان عامل حجم الجامعات العراقية المتثل بعدد طلابها واساتذتها، يعد المؤشر الاهم في تحقيق الظهور للجامعات العراقية في مثل هذا المقياس. اما المؤشرات الاخرى فغالبا ما كانت صفرية. والان وبعد هذا العرض، لابد ان نتوقف عند اهم الامور التي على الجامعات العراقية تحقيقها من اجل تحسين ترتيبها في المقاييس العالمية. ويكفي ان نشير، الى ان احتلال مراتب متقدمة في مثل هذه المقاييس، قد يسهم من رفع مكانة الجامعات العراقية على المستوى الدولي ويحسن من سمعتها. وتحسين السمعة، لاي جامعة له مردود كبير على مستوى التوظيف للطلبة المتخرجين منها في مختلف دول العالم، فضلا عن قبولهم في الدراسات العليا في الجامعات العالمية. كذلك يوفر فرص التعاون العلمي والثقافي بينها وبين الجامعات المناظرة. ومن اهم هذه الامور :
  1.    حث الاساتذة والباحثين في الجامعات العراقية على التاليف المشترك مع نظراء لهم في الجامعات العالمية والعربية.
  2.  جذب اهتمام الباحثين في الجامعات العالمية للنشر في المجلات العلمية العراقية فضلا عن تشجيع الباحثين العراقيين للنشر في المجلات العالمية.
  3.   دعوة الجامعات العراقية الى اهمية التركيز في اصدار المجلات العلمية المحكمة على اساس الموضوعات والتخصصات الدقيقية والابتعاد عن نشر المجلات على اساس الكليات. بدلا من اصدر مجلة كلية التربية والاداب والعلوم. يفضل مثلا اصدار مجلة الجامعة المستنصرية للفيزياء. و ....للكيمياء ... و للرياضيات...الخ. هذا الامر سوف يسهم في تحسين معامل تاثير هذه المجلات.
  4.    حث جميع اساتذة الجامعات العراقية على المشاركة في موقع  Google Scholars.
  5.    اهمية التعاون في مجال المؤتمرات الدولية وتيسير سبل المشاركة الفاعلة للباحثين من الخارج فيها.
  6.    في حال توفر الاستقرار الامني لابد للجامعات العراقية ان توفر فرص الدراسة للطلاب من الدول الاخرى. لما لهذا الامر من اهمية في تحسين ترتيب الجامعات في المقايس العالمية. لاحظ ان الجامعات الامريكية في الدول العربية غالبا ما تحتل المراتب المتقدمة، ولعل من عوامل نجاحها في ذلك هو وجود طلبة من مختلف دول العالم يدرسون فيها.
  7.     تشجيع الاساتذة والباحثين على اهمية المشاركة الفاعلة في مسابقات الجوائز العلمية.
  8.    تفعيل برامج النشر الجامعي واعادة افتتاح المطابع الجامعية لنشر الكتاب الجامعي.
  9.   تطوير مواقع الجامعات العراقية لتكون على مستوى الاقسام. ويفضل دائما ان تعطى مساحة لكل تدريسي في الجامعة ضمن هذه المواقع لنشر سيرته الذاتية ومقالاته والمناهج التعليمية التي يدرسها.
  10.   التاكيد على اهمية الاتاحة الرقمية للمجلات العلمية المحكمة لتكون في متناول الباحثين في مختلف دول العالم.
وفي الختام، نؤكد على مسالة جوهرية بالنسبة للقيادات الادارية، والمهتمين بشأن الجامعات العراقية، والساعين الى النهوض بها. لا يجب باي حال من الاحوال، المباهات والركون الى هذه المقاييس، بعيدا عن التطوير الداخلي للجامعات. من خلال تطوير البنى التحتية للمؤسسات التعليمية، وتطوير مستوى التعليم من خلال تحديث مختلف انواع المختبرات والاجهزة الضرورية لانجاح العملية التعليمية. فضلا عن وضع ضوابط وتعليمات، من شانها ان تحافظ على التقاليد الاكاديمية السائدة في دول العالم. ولعل واحد من اهم عوامل نجاح الجامعات في تحقيق رسالتها ان يتم وضع معايير موحدة لاختيار القيادات الادارية فيها، بدأ من رؤساء الاقسام الى اعلى الهرم الجامعي، ترتكز على المهنية والكفاءة والخبرة والتاهيل العلمي. وبعيد عن اي اعتبارات اخرى.  

هناك 3 تعليقات:

  1. أحسنتم دكتور موضوع مهم

    ردحذف
  2. نشر موفق دكتورنا العزيز وفعلا لابد من العمل على تطوير جامعاتنا من كافة الجوانب سواء محليا او دوليا لنصل الى الصدارة وتكون اسماء جامعاتنا مدوية لرصانتها دوليا و عالميا ان شاء الله ..

    ردحذف
  3. اختيار موفق دكتور لموضوع يطرح نفسه في ظل انهيار التعليم في العراق لاسباب متعددة وتشخيصكم الصحيح لاهم النقاط لمعالجة تقدم الجامعات ع المستوى العربي والعالمي ...
    نسال الله ان يوفقكم ويديمكم اساتذة ننتفع من علمهم

    ردحذف