قواعد وصف الموارد والوصول اليها RDA - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

قواعد وصف الموارد والوصول اليها RDA



الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ المعلومات في الجامعة المستنصرية
RDA
عرضنا في مقال سابق موضوع عن قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية. التي ساهمت في ارساء اسس التوحيد القياسي في مجال الوصف الببيلوغرافي لمصادر المعلومات المختلفة، وكيف اثمر وجودها عن ظهور الفهرسة التعاونية والفهارس الموحدة، فضلا عن الفهرسة أثناء النشر، وتطرقنا الى ان قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية تلك، قد اكتملت بشكل نهائي عند الطبعة الثانية منها، والتي توقفت عمليات مراجعتها وتعديلها في عام 2005.
وفي مقال اخر تطرقنا الى ان قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية، قد تم ترميزها وترقيمها بالطريقة التي تسمح للحواسيب من فهمها وتفسيرها، ليعلن عن ظهور نموذج متقدم منها متوافق مع بيئة عمل الحاسوب، اطلق عليه [MARC]. الفهرسة المقروءة آليا. وفي كلا المقالين ركزنا على الاسباب الموجب لظهور هذه القواعد والمعايير، فاذا كانت، قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية، قد ظهرت استجابة لرغبة المكتبات في ارساء اسس التعاون في مجال الفهرسة التعاونية وضغط النفقات، فأن الفهرسة المقروءة آليا، كانت قد ظهرت استجابة لرغبة المكتبات في بناء الفهارس الآلية المحلية والموحدة، التي تمكنها من مشاركة نتاج عملية الفهرسة فيما بينها من خلال عمليات التصدير والاستيراد، فضلا عن إمكانية انتاج بطاقات الفهرس الورقية من اصول البيانات الرقمية المخزنة في الحواسيب.
واليوم، نحاول ان نتطرق الى قواعد جديدة، جاءت من وجهة نظر البعض، لتعيد الحياة الى قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية. حتى وان لم ينظر اليها، على انها الطبعة الثالثة لتلك القواعد. بل تم التعامل معها على انها عمل يحمل ملامح خاصة، ويستجيب لتحديات من نوع آخر. الا وهي قواعد وصف الموارد والوصول اليها RDA: Resource Description and Access . وهي عبارة عن معيار خاص، بعملية الفهرسة الوصفية لموارد المعلومات المختلفة. والذي صدر عام 2010. لتوفير الإرشادات والمبادئ التوجيهية بشأن صياغة البيانات الببليوغرافية، المعدة للاستخدام من قبل المكتبات والمؤسسات الثقافية ذات الصلة، مثل المتاحف والمحفوظات، ويعد هذا المعيا،ر هو الخَلف او المُكمل لقواعد الفهرسة الأنكلو-أمريكية . الذي كان ومنذ عام 1978، المعيار المعتمد في معظم مكتبات العالم للوصف الببليوغرافي لمصادر المعلومات.
وبادئ ذي بدأ، علينا ان نحل اشكالية الترجمة، اذ تعودنا في الوطن العربي ان يجتهد البعض في ترجمة هذه المفاهيم من منظوره الشخصي، و من تصوراته هو عن المعنى، بالتالي عندما تختلف ترجمة المصطلحات باللغة العربية، سوف تؤدي حتما الى تشتت النتاج الفكري حول الموضوع، وهذه المشكلة نجدها مع كل ظهور لمصطلح جديد في مجال المعلومات، بدأ من [Comact Disk] وانتهاءً بـ [Metadata]. وهنا نتسائل: هل هناك فرق في المعنى بين [Resources] و [Sources]. الموارد و المصادر.؟ اذا قلنا لا يوجد، فهل هذا يعني قبول الكتابة بالصيغة الاتية [Source Description And Access]. وهنا يصبح المختصر [SDA]. اي اننا تسببنا بتشتت من نوع جديد. اذن علينا ان ندرك حقيقية جوهرية، وهي ان هناك فرق بين الاثنين، وان من وضع الصياغة بهذه الطريقة، كان يدرك تماما الفرق بينهما. بالتالي ذهب الى اختيار [Resource] بدلا من [Source]. وحتى لا اذهب الى بيان الفرق بين ترجمة المصطلحين (موارد) و (مصادر). ساكتفي ببيان الفرق بينها على اساس الاصل باللغة الانكليزية وحسب المثال الاتي:
The public library is a valuable information resource
The Encyclopedia is a valuable information source
اذن، عندما نقول، ان المكتبات العامة تعد مورداً قيما للمعلومات. تصبح كلمة مورداً اكثر شمولية وارتباط بالمؤسسة، من حيث الهدف العام لها. اما القول، ان الموسوعة تعد مصدراً قيما للمعلومات، عندها يكون المصدر بحالته المستقلة، يمثل حالة خاصة مرتبطة بشي محدد. اذن اختيار مصطلح [Resource] كان مقصوداً، لان عمليات الوصف، لن تقف عند ما اعتدنا عليه من مصادر معلومات ورقية، مثل الكتب والدوريات والتسجيلات الاخرى. بل سوف تذهب بعيدا، لوصف كل ما يمكن ان يقدم معلومات او بيانات يمكن الافادة منها. اذن اختيار مصلح [Resource] يهدف الى توسيع نطاق وصف البيانات والمعلومات الى مديات ابعد بكثير من وصف مصدر بعينه.
والان، نحاول ان نجد الفرق بين مصطلح [Access] (الوصول). الذي ترجم باللغة العربية في معظم المقالات والبحوث التي تحدثت عن هذا المعيار بانها (الاتاحة). وكلنا نعرف ان الاتاحة باللغة العربية تقابل [Availability] باللغة الانكليزية . فهل يمكن ان نقول، ان مفهوم الاتاحة هو مرادف لمفهوم الوصول. بالتاكيد لا، لاننا عندما نقول الاتاحة، فنحن نتكلم عن اجراءات مؤسسة، تعمل على ان تتيح ما لديها من معلومات للاستخدام العام. وعندما نقول الوصول فنحن نتكلم عن السبل الذي يسلكها شخص ما، للوصول الى شي ما، هو بحاجة اليه.
بالتالي هما على طرفي نقيض، حتى وان اقررنا بأن الغاية من اتاحة شي ما، هي غالبا بهدف فتح المجال للوصول اليه. وان الوصول يهدف الى الانتهاء عند ما هو متاح. ما اريد ان اقوله ان من اطلق المصطلح على هذه القواعد كان قاصدا متعمدا لمفهوم الوصول، وليس الاتاحة. والدليل هذا الاهتمام الكبير بانطباعت المستفيدين، بالتالي انا اجد ترجمة [RDA] الى :     (وصف الموارد والوصول اليها) يقربنا من فهمها وادراك الغاية منها. وقبل ان نبتعد كثيرا عن هذا المفهوم، اليس من حقنا ان نتسائل عن ما كانت تهدف اليه قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية.؟ وهل هناك فرق بينها وبين [RDA] . على الصعيد الشخصي لا اجد اي فرق بينهما على اساس الهدف، لاننا نعلم تماما ان قواعد الفهرسة ايضا كانت تهدف الى تقديم قواعد فهرسة وصفية للمصادر (وصف) ثم تتكامل معها بقواعد المداخل الرئيسية التي يمكن اعتبارها مفاتيح استرجاع تمكن المستفيدين من (الوصول) الى الكتب في المكتبات.
        بعد هذا العرض حول اشكالية ترجمة المصطح نحاول هنا ان نبسط فهم [RDA]. اذ تشير CHRIS OLIVER في كتابها " مقدمة الى RDA دليل ارشادي للاساسيات." الى ان [RDA] هو معيار الفهرسة الجديد، الذي يحل محل قواعد الفهرسة الأنجلو أمريكية!، في طبعتها الثانية (AACR2). وبالرغم من وجود صلات قوية بين قواعد AACR2، وRDA ، الا ان الاخير يختلف تماما، لأنه يقوم على مبادئ الإطار الببليوغرافي، الذي تم تصميمه من أجل التوافق مع البيئة الرقمية. وطالما قلنا ان RDA جاءت لتحل محل قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية، اذن لابد ان نبحث عن التغيرات التي حصلت في محيط عمل المكتبات والتي كانت سببا رئيسيا لظهور قواعد [RDA]. والتي يمكن اجمالها في الاتي:
·        على مدى عقود من الزمن، استخدمت قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية اساساً في وصف مصادر المعلومات الورقية، على ان تكون عناصر الوصف ممثلة في بطاقة الفهرس. ولاننا ندرك تماما، ان المستفيدين من المكتبات على اختلاف انواعها، كانوا على دراية وادراك مسبق لنوع مصادر المعلومات التي يبحثون عنها، اذ قد يكون المستفيد متوجه الى المكتبة للبحث عن كتاب حول موضوع معين، او مؤلف معين، او في باله عنوان لكتاب معين. وهذا ماكانت المكتبات توفره من خلال وجود فهرس المؤلفين والعناوين والموضوعات. وهي فهارس قائمة على قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية. اما اذا كان المستفيد، يسعى وراء مجلة او مقال في مجلة، فانه سوف يجد ضالته في الفهرس المرئي للدوريات. ولان الكتب والدوريات هي اهم انواع مصادر المعلومات التي تهتم المكتبات في اقتنائها، لم يجد المستفيدين مشكلة في تعقبها من خلال فهارس المكتبات. اما البحث في الفهارس الالية، فهو مختلف تماما. السؤال كيف.؟ ببساطة شديدة عندما كان المستفيد يبحث عن كتاب (الف ليلة وليلة) على سبيل المثال في فهرس المكتبة البطاقي كانت النتيجة وصوله الى كتاب (الف ليلة وليلة). اما عندما يبحث من خلال الفهرس الالي عن (الف ليلة وليلة) فان الاحتمالات تكون مفتوحة للوصول الى اعمال، قد تختلف ليس في شكل الوعاء فقط، وانما في المحتوى وطريقة المعالجة ايضاً. لان آلية عمل الفهارس الالية، تختلف تماما عن الفهارس البطاقية، اذ لم تعد هناك حاجة الى تجزأت الفهرس حسب المداخل او الالتزام بحدود ومساحة البطاقة، لان الفهرس الالي يفترض به ان يكون شاملا لكل موارد المكتبة كتب، دوريات، تقارير، رسائل، تسجيلات صوتية، تسجيلات فيديوية، لوحات فنية...الخ. ومنفتح على عدد كبير من الحقول .
·         التغيرات التي حصلت في شكل اوعية نقل المعلومات، فبعد أن كان الكتاب والدوريات لاحقا، هي الشكل المادي السائد في مجال نقل المعرفة، بالتالي تحرص المكتبات عموما على اقتناء الكتب والدوريات في مختلف الموضوعات، حتى استمدت المكتبات اسمها اصلا من الكتاب، لذا ليس من المستغرب، ان تكون قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية كانت قد اعدت خصصيا لوصف الكتب. لكن مع التطور التكنولوجي في العقد الخامس من القرن العشرين، برزت اشكال جديدة من اوعية نقل المعلومات، مثل التسجيلات السمعية والمرئية والمصغرات الفلمية، التي اخذت تزاحم النماذج الورقية بقوة، ومع بداية العقد التاسع من القرن العشرين، ظهرت البيئة الرقمية، الممثلة بشكبة الانترنت، والتي قدمت نماذج مبتكرة لاوعية نقل المعلومات، التي اختلفت جذريا عن الوحدة المادية التي كان الكتاب يمثلها. لاحظ ان معظم قواعد الفهرسة، كانت تهتم بوصف المظهر الخارجي للوعاء على حساب المحتوى الداخلي، على عكس المحتوى الرقمي، الذي لا يكاد يكون له مظهراً خارجيا حتى يوصف. فضلا عن اهمية الاشارة الى ان مفهوم المحتوى الرقمي، لم يعد يعني في اي حال من الاحوال النص، بل قد يكون محتوى متداخل في اشكال متنوعة مثل دمج النص مع الصورة مع الصوت مع المقاطع الفلمية في وحدة موضوعية واحدة.
·        التغيرات في مجال فهارس المكتبات، فبعد ان كان الفهرس البطاقي هو أداة الاسترجاع السائدة في معظم مكتبات العالم، اصبح البحث عن بديل، يستجيب لمتطلبات المستفيدين. ويستفيد من ما قدمته تكنولوجيا الحواسيب في مجال بناء الفهارس الالية، اذ تم ترميز وترقيم قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية، لتكون قواعد فهرسة يمكن قراءتها وتفسيرها من قبل الآلة، وعرف هذا العمل بتركيبة [MARC] ، الذي وأن كان الهدف منه هو انتاج بطاقات ورقية يمكن مشاركتها وتبادلها مع مختلف المكتبات. الا انه انتهى الى صيغة متقدمة، يمكن ان يتم دمجها في قواعد بيانات خاصة لفهارس المكتبات الآلية، ومما لاشك فيه، ان هناك تباين كبير وكما اشرنا سابقا، بين فلسفة وآلية عمل الفهارس البطاقية التي ارتبط وجودها بقواعد الفهرسة الانكلو-امريكية، وبين الفهارس الآلية التي تفتح المجال لبحث اشمل وادق، وباختيار مفاتيح استرجاع، ابعد بكثير من المؤلف والعنوان والموضوع. بالتالي حاجتنا الى تجاوز حدود قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية لما هو اشمل واكثر تعبيرا.
·        التغيرات في بيئة المعلومات، لا شك ان الحاسوب، كان قد احدث ثورة في مجال حوسبة فهارس المكتبات، لكنه في الوقت نفسه قدم بيئة جديدة لنشر المعلومات، قد تختلف جذريا عن ما كان سائداَ. اذا لم يعد نشر المعلومات في بيئة الانترنت، يحتاج الى كل تلك الاجراءات والتعقيدات، التي كانت سائدة في مجال النشر الورقي، ومع تحفظ البعض على دقة ورصانة المعلومات على الانترنت، بالمقابل لا نستطيع ان ننكر، وجود كم هائل من المعلومات القيمة على شبة الانترنت، وعليه لا يمكن باي حال من الاحوال تجاهل كل ما ينشر على الانترنت، بل على العكس قد يجد البعض ان كسر قيود النشر التي كانت سائدة فيما سبق، قد فتحت المجال امام الباحثين والخبراء على نشر نتاجهم الفكري والعلمي، من خلال الانترنت لضمان سرعة الانتشار وتحقيق السبق العلمي. وامام هذا الكم الهائل من المعلومات الرقمية المتاحة من خلال الانترنت وجدت المكتبات نفسها ملزمة بايجاد علاقة من نوع خاص، تربط فهارسها بمحتوى الانترنت. وهو الامر الذي قد يكون ساهم في التفكير بقواعد [RDA].
·        تغيرات في مهارات المستفيدين من المكتبات. مع تطور الوعي المعلومات، وتنامي مهارات المستفيدين من المكتبات، الذين هم في الوقت نفسه مستخدمي الانترنت، خاصة في مجال البحث عن المعلومات باستخدام محركات البحث، اصبح من الصعب على المكتبات، ارضاء هؤلاء بالاعتماد على الاساليب التقليدية الممثلة في الفهارس البطاقية، او حتى الفهارس الالية. التي لا تتيح فرصح للابحار الى حدود ابعد من المداخل الرئيسية التقليدية، التي ركزت عليها قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية، بالتالي فأن اي تفكير لبناء وتطوير فهارس المكتبات المتاحة من خلال شبكة الانترنت، لابد ان يتوافق مع آلية عمل محركات البحث، خاصة في مجال البحث الشامل، و تامين فرص التفاعل المباشر بين المستفيدين والفهارس. فضلا عن تحقيق الترابط والعلاقات الموضوعية بين مختلف انواع مصادر المعلومات. هذا التحدي، دفع خبراء المكتبات الى تطوير قواعد الفهرسة بالاعتماد على فلسفة جديدة، تراعي مسالة مهارة المستفيد في البحث عن المعلومات، والتنبأ بحاجاته الى المعلومات، وهو مالم تقدمه قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية.
بعد هذا العرض لاهم التغيرات في مجال المعلومات، سوف نقنع انفسنا ان [RDA] جاءت لتحل لنا كل هذه المشاكل، ولكن الحقيقية التي علينا ان ندركها ان هذه القواعد لم تقدم لنا الا مزيد من التعقيد، ومزيد من الدراسات ومزيد من المحاضرات ومزيد من الندوات والمؤتمرات ومزيد من الغموض، من خلال تجربتنا السابقة مع قواعد الفهرسة الانكلو-امريكية. التي اجهدنا انفسنا وطلابنا في تطبيقها وفهم طلاسمها، لنكتشف بعد عقود من هذه الجهود، ان المستفيد لم يكن يهتم الا بمعرفة مؤلف وعنوان الكتاب ومكان وجوده على الرف. لم يكن المستفيد مهتما، او مدركا لوجود او عدم وجود بيانات النشر او الايضاحات او اي من بيانات بطاقة الفهرس الباقية. مئات من القواعد لم نكن نحتاج منها الى اكثر من 10 فقط منها، لبناء بطاقة فهرس متكاملة. وبعدها انتقلنا الى تركيبة [MARC]، لتاخذ نصيبها من التنظير والتدريس ومحاولة فهمها وتطبيقها، لنكتشف لاحقا ان من النادر وجود من يربط بين تركيبة [MARC21] و [AACR2]. ولم نتوقف عند فكرة ان [MARC21] ما هو الا [AACR2]. تم ترميزها وترقيمها لتصبح اقرب الى فهم الالة. ولم نكتشف ان هذه التركيبة كان الهدف منها، انتاج وطباعة بطاقات الفهارس اصلا  ثم تحولت هذه التركيبة الى معيار موحد للتسجيلات الببليوغرافية في بيئة عمل الحاسوب، وتم تضمينه في نظم ادارة قواعد البيانات، لاغراض بناء وتطوير الفهارس الالية. فضلا عن ذلك فان وسوم تركيبة [MARC21] التي تزيد على2000 وسم لا نستخدم منها اكثر من 100 في احسن الاحوال. واليوم بدأ الحديث عن [RDA]، وكانها المنقذ لكل ما نعانيه من مشاكل في مجال الفهرسة، وبالتاكيد سوف نُنَظر لها عربياً، ونختلف في مضامينها ونعد الرسائل الجامعية عنها، ونقارنها فيما سبقها، وما سوف يلحقها. ونتعمق في فهمها لنصل الى حقيقة جوهرية ان [RDA] هي امتداد لقواعد الفهرسة والتي سوف يتم ترقيمها وترميزها وادراجها ضمن تركيبة [MARC21]. لتصبح جزء منه وقد تضمحل فيه. لكن كما فعلنا مع قواعد الفهرسة سابقا سوف نتعامل مع  [AACR2] و[MARC21] و [RDA] وكانها معايير مختلفة، وهي في الحقيقة معيار واحد متكامل، الاول يستجيب لمتطلبات الفهارس البطاقية، والثاني يستجيب للفهارس الآلية في بيئة عمل الحاسوب، والثالث يستجيب للفهارس المتاحة من خلال الانترنت.
انا اعتقد، ان فكرة انشاء فهارس للمكتبات متاحة من خلال الانترنت، لايمكن ان يجدي نفعا. طالما ان التسجيلات الببليوغرافية تبقى بعيده عن متناول محركات البحث، ولا يمكن الوصول اليها الا بالدخول الى مواقعها مباشرة. تلك هي المشكلة، التي علينا ان نهتم بها وننظر لها. نريد ان يكون محرك البحث، قادرا على البحث في محتوى فهارس المكتبات المتاحة من خلال الانترنت. بعيدا عن تعقيدات تلك المعايير، وما لم نجد وسيلة تسمح لمحركات البحث التعامل مع البيانات والتسجيلات الببليوغرافية بالطريقة ذاتها، التي يتم التعامل بها مع المحتوى الرقمي على الانترنت. ستكون جهودنا حبراً على ورق.
كثيرا ما نسأل انفسنا ما هي المعايير التي يعتمد عليها محرك البحث [Google] ليكون بهذه الامكانية على البحث والاستكشاف والقدرة على التصفح والعرض. لماذا لانفكر ان تكون فهارس مكتباتنا تعمل بالطريقة نفسها التي يعمل بها محرك البحث، بعيد عن تعقيدات المعايير ومتطلباتها، او على الاقل ان تكون محركات البحث قادرة على الوصول الى محتوى فهارس مكتباتنا. ببساطة شديدة محركات البحث عموما تشترك في آلية تكاد تكون متقاربة في تكشيف محتوى المواقع بالاعتماد على المحتوى النصي لتلك المواقع، وفي المدة الاخيرة توفرت طرق جديدة لتمكين ناشري المحتوى من اضافة وسوم جديدة من خارج النص الهدف منها بناء نوع من العلاقات الموضوعية والتكاملية بين مختلف انواع المحتوى الرقمي مثل [METADATD] و [TAXONOMY]  و [FOLKSONOMY].
علينا ان نعترف، ان ما تقوم به دور النشر من عرض لمنشوراتها من الكتب، بطريقة النشر المباشر على مواقعها على الانترنت، وبما يسهل على محركات البحث من تكشيف بياناتها وتوفير فرص الوصول اليها. هو كل ما يحتاجه المستفيد من مكتباتنا. ويمكن باضافات بسيطة ان ننشأ فهارس مماثلة لمكتباتنا بعيدا عن كل ما سبق. لقد ادركت بعد عشرين عاماً من الدراسة والبحث ان المتخصصين في مجال المكتبات يعملون لانفسهم. فما ان يفهم المستفيد طلسم من طلاسمهم . حتى يبتكروا طلسماً جديداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق