الاستاذ الدكتور طلال ناظم الزهيري
أستاذ نظم استرجاع المعلومات / الجامعة المستنصرية
"قُل لي ماذا تقرأ أقول لك من
انت.!". مقولة سائدة في الوسط الثقافي العالمي، لتعبر عن ان الميول القرائية
لهذا الشخص او ذاك، تعد مرأة تعكس شخصيته الفكرية ومحور اهتماماته الثقافية،
بالتالي، يمكن ان نفهم الشخصية ونستكشف مكنوناتها على المستوى الفكري والثقافي، من
خلال معرفة ماذا تقرأ. واليوم وفي ظل تنامي الانترنت بكل تطبيقاتها وخدماتها، و
زيادة عديد مستخدميها للدرجة التي انقلب معها ميزان الوصف الكمي، حتى اصبحت فيه
القاعدة تعد استثناءً، والاستثناء هو القاعدة.
فالقاعدة اليوم هي ان الجميع على
اختلاف الاعمار والثقافة واللغة يستخدمون الانترنت، مع وجود استثناءات بسيطة تشذ
عنها لاعتبارات عمرية ومهارية ونفسية. وعليه فأن مقولة " قل لي عن ماذا تبحث
في الانترنت أقول لك من أنت" ربما تكون اكثر شمولية من حالة القرأءة، خاصة
اذا كان الهدف هو دراسة المجتمع من خلال سمات الافراد المنتمين اليه، لاننا نعتقد
ان القراءة في مرحلتها الاختيارية، كانت ولا زالت مرتبط بدرجة او باخرى بطبقة
اجتماعية معينة، توصف على انها الطبقة المثقفة في المجتمع، والتي لا يمكن ان تمثل
باقي افراد المجتمع، على عكس بيئة الانترنت التي لم تعد حكراَ على
طبقه اجتماعية أو فيئة عمرية معينة. فالجميع لهم حضور على الانترنت بشكل أو بآخر،
اذن لا غرابة في ان تتوجه مراكز الدراسات والبحوث و مؤسسات استطلاعات الرأي في
العالم نحو الانترنت وتطبيقاتها لتكون ميدان الدراسة والتحليل والتفسير للميول
والاهتمامات النفسية والاجتماعية والسياسية لافراد المجتمع. واذا ما أخذنا بنظر
الاعتبار التقرير صادر عن موقع [Internet World Stats] الخاص بواقع استخدام الانترنت في العالم لعام 2017، والذي وضع
العراق في المرتبة الثالثة بعد ايران والسعودية في عدد مستخدمي الانترنت وبنسبة [11.6%] من مجموع مستخدمي الانترنت في الشرق الاوسط.
إذ بلغ عدد مستخدمي الانترنت في العراق حسب هذا التقرير (19) مليون مستخدم من
مجموع سكان العراق البالغ (39) مليون نسمة تقريبا. وبنسبة بلغت [48.3%] من العدد الكلي للسكان. منهم (17) مليون
مستخدم للفيس بوك. اذن والحال هذه نجد انه من المهم على مراكز البحوث والدراسات في
العراق و بغض النظر عن ارتباطاتها ان تستفيد من هذا التواجد الكثيف في مجال
الدراسات والبحوث الاستطلاعية والاجتماعية والنفسية...الخ. لتحقيق فهم اعمق
للمجتمع العراقي من خلال التعرف على الميول الثقافية والفكرية والاتجاهات
العقائدية والسياسية لافراده، والبناء عليها في مجالات التربية والتعليم من اجل تأصيل
ما هو ايجابي منها، واجتثاث أو الحد من ما هو سلبي. ولاننا على يقين ان الفئة
العمرية الاكثر استخداماً للانترنت في العراق هم الشباب بين 12-30 سنة بالتالي فأن
التعرف على الاهتمامات الموضوعية لهذه الشريحة المهمة من المجتمع يمكن ان تقدم
انطباعاً حقيقياً عن الواقع الثقافي والتعليمي للمجتمع العراقي ككل. لكن الحقيقية
الصادمة ان عملية استكشاف عمليات البحث الرائجة في موقع [YouTube]
خلال مدة 12 شهراً كانت كما مبينة في الجدول الاتي والتي يمكن ان تعطينا تصور واضح عن طبيعة الاهتمامات البحثية التي في غالبها كانت على امور وموضوعات لها علاقة بالاغاني والمسلسلات وغاب عنها اي اهتمام موضوعي تربوي او ثقافي باستثناء البحث عن نتائج امتحانات دراسة المراحل المنتهية :
سلام
ردحذف