البيانات المعلومات والمعرفة الخروج من النص الى المعنى - الدكتور طلال ناظم الزهيري

الجمعة، 1 أبريل 2016

البيانات المعلومات والمعرفة الخروج من النص الى المعنى



الاستاذ الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ المعلومات في الجامعة المستنصرية

تخصص علم المعلومات زاخر بالمصطلحات والمفاهيم العلمية، الا ان البعض منها يشوبه الغموض والتداخل رغم انها متداولة بشكل كبير جدا في الاوساط العلمية والأكاديمية. ولعل من اكثر تلك المصطلحات شيوعا في مجال علم المعلومات ( البيانات ، المعلومات و المعرفة ) التي من النادر ان لا يرد ذكرها في اي مقال او كتاب او حتى محاضرة عامة. واذا ما اجرينا مسح شامل للاسئلة الاكثر شيوعا وتكرارا في اختبارات تخصص المعلومات والمكتبات في مختلف المناهج والمقررات الدراسية. لكان ( ما هو الفرق بين البيانات والمعلومات والمعرفة.؟ ). وتجدر الاشارة الى ان الكثير من الطلبة غالبا ما يتمكنوا من ايجاد الفرق في حدود دلالة النص بين هذه المفاهيم. ومن خلال مسح لمفاهيم هذه المصطلحات في النتاج الفكري العربي والغربي وجدنا الى ان هناك اجماع شبه تام على الاتي :
البيانات : هي الأرقام والرموز والنصوص والصور والأصوات وغيرها التي تمثل الحقائق الأولية أو الوصف المبدئي للأشياء والأحداث والنشاطات والتي تم امتلاكها وتسجيلها والتي تحتاج إلى تنظيم ومعالجة لتقدم معنى محددا.
المعلومات : هى مجموعة من البيانات المنظمة والمنسقة بطريقة منطقية لتقدم معنى خاص وتركيبة متجانسة من الافكار والمفاهيم تسهل معالجتها بغرض تحقيق هدف معين يقود الى اتخاذ قرار سليم.  
المعرفة : هي حصيلة الامتزاج الخفي بين المعلومة والخبرة والمدركات الحسية والقدرة على الحكم والمعلومات وسيط لاكتساب المعرفة ضمن وسائل عديدة كالحدس والتخمين والممارسة الفعلية.
اذن اذا كانت هذه المفاهيم على هذه الدرجة العالية من الوضوح والبساطة لماذا نجد صعوبة في التحول من فهم النص الى فهم المعنى. حتى اننا قد نعجز عن اكمال الاجابة بشكل دقيق عندما يطلب الينا تقديم مثال لكل من هذه المفاهيم لنجد انفسنا ذاهبين باتجاه تسويق النص مرة اخرى. ونقول البيانات تعني المواد الخام . والمعلومات بيانات منظمة والمعرفة هي معلومات تم ادراكها .! بالتالي لا جديد لفهم المعنى. وهنا نحاول ان نعيد تفسير معاني المصطلحات بطريقة عكسية اي نستخلص المصطلح من المعنى بدلا من اعطاء معنى للمصطلح. على سبيل المثال سوف نتكلم عن ظاهرة طبيعية وهي ( المد و الجزر). التي تفسر علميا بالقول:
 (( ان حركة المد والجزر تحدث بفعل جاذبية الشمس والقمر لمياه البحار والمحيطات ولأن القمر أقرب إلى الأرض فتأثير جاذبيته تكون أكبر رغم صغر حجمه ؛ فنستنتج ان جاذبية القمر هي أهم عامل في حدوث المد والجزر . ولكن هنالك عامل أخر وهو قوة الطرد المركزي الناتج عن دوران الأرض حول نفسها. يحدث المد والجزر مرتين كل يوم "مرة كل 12 ساعة" لأن أجزاء سطح الأرض تمر أثناء دورتها أمام القمر فيحدث المد في الأماكن المواجهة للقمر ، ثم لايلبث أن يحدث الجزر عندما تبتعد هذه الأماكن عنه .ويختلف ارتفاع المد باختلاف موقع القمر في مداره بالنسبة لكل من الأرض والشمس)).   
اذن هذا التفسير لظاهرة المد والجزر يعكس مجموعة من الخصائص: الاول انه تفسير علمي يركتز على معطيات تم التحقق منها واختبارها. والثاني هو انه تفسير اكتسب اجماع علمي ولا يوجد تفسير اخر يحضى بالاجماع نفسه. والثالث انه تفسير مكتمل وغير قابل للتجزئة بمعنى لا يمكن استبعاد عامل من العوامل المؤثرة في حدوث الظاهرة دون ان نحدث خلل في التفسير العلمي لها. هذه ببساطة خصائص المعرفة.
اما المعلومات فتحمل الخصائص الاتية: الاول تقدم تفسر عام مقبول منطقيا. الثاني التجزئة لا تلغي المعنى فكل جزء منها مفهوم لذاته. على سبيل المثال يمكن ان نستخلص المعلومات الاتية من النص السابق :
- حركة المد والجزر تحدث بفعل جاذبية الشمس والقمر لمياه البحار والمحيطات.
- جاذبية القمر هي أهم عامل في حدوث المد والجزر لقربه من الارض.
- قوة الطرد المركزي الناتج عن دوران الأرض حول نفسها تسهم في حدوث المد والجزر.
- يحدث المد والجزر مرتين كل يوم "مرة كل 12 ساعة".
- عملية المد تحدث في الاجزاء المواجهة للقمر .
- عملية الجزر تحدث في الاجزاء التي لا تواجه القمر.
اما البيانات فهي الاسهل للفهم لانها لا تتداخل كما هو الحال بين المعلومات والمعرفة. اذن يمكن ان نقول ان ( القمر ، الشمس ، الارض، البحار والمحيطات، المد والجزر، الجاذبية، الطرد المركزي) كلها بيانات لا تدل على شي لدى المتلقي غير ذاتها القمر هو القمر والشمس هي الشمس. ونتفق على ان الربط المنطقي بين هذه البيانات و رسم معالم العلاقة بينها هو الذي يحول البيانات الى معلومات، كما ان التحليل العلمي والتفسير المنطقي وربط الاجزاء الى بعضها البعض لتحقيق الاجماع العلمي هو الذي يحول المعلومات الى معرفة. وعليه يمكن ان القول اننا غالبا ما نمتلك الكثير من المعلومات والقليل من المعرفة. مثلا سوف اضعك بالاختبار الاتي :
- هل تعلم من هو الشخص الذي اراد ان يهدم الكعبة ونزلت فيه سورة الفيل؟.!!!
- هل تعرف لماذا اراد هذا الشخص ان يهدم الكعبة.؟ !!!
الكثير منكم يعلم جواب السؤال الاول . والقليل سوف يعرف جواب الثاني.   

  

هناك تعليقان (2):

  1. لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته استاذنا الفاضل
    الموضوع فعلا يستحق التوضيح
    وجزيل الشكر للمعلومات الواردة في المقال

    ردحذف
  2. استاذي الكبير حفظكم الله ورعاكم

    ردحذف