في ظل الرغبة الحقيقية لاجراء تطوير شامل وحقيقي في مجال التعليم الجامعي في العراق من خلال البرنامج الحكومي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومع اقرارنا ان الاهداف الرئيسية للبرنامج الحكومي و المشاريع الخاصة في تنفيذها مهمة ويمكن ان تسهم في تحقيق تقدم نوعي في مستوى التاهيل الأكاديمي في عموم الجامعات العراقية. الا اني ومن وجهة نظر المتواضعة ان التطور الحقيقي في مسار العملية التعليمية يجب ان لا يقف عند حدود الاهداف الخمسة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والتي هي في غالبيتها يمكن ان لا تحقق الغاية المرجوة دون اعادة النظر في مجموعة من المقترحات الجوهرية اناقشها فيما يأتي :
تأريخ مؤسسات التعليم العالي في العراق ابتدأ عام 1908 عندما تأسست كلية الحقوق وما تبعها بسنوات قليلة من كليات أخرى مثل دار المعلمين العالية والطب عام 1927 وكليات اخرى ليتم جمعها عام عام 1957 في جامعة بغداد لتضم تسعة كليات هي الحقوق والهندسة والاداب والتجارة والزراعة والطب البيطري كما الحقت بها معاهد عالية هي: معهد العلوم الادارية ومعهد اللغات ومعهد المساحة ومعهد الهندسة الصناعية العالي ومعهد التربية البدنية. وفي عام 1967 اسست جامعتي البصرة والموصل ليصبح عدد الجامعات الحكومية والاهلية لغاية عام 2003 بواقع 25 جامعة والان تجاوز عددها الستين جامعة حكومية وجامعات وكليات اهلية مضافاً اليها مجموعة من هيئات التعليم التقني والمراكز العلمية والوحدات البحثية. ومع هذا النمو العددي في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. تنامى عدد طلبة الجامعات الى اعداد كبيرة جدا اذا تستقبل الجامعات العراقية في عموم البلاد في حدود 140 الف طالب وطالبة سنويا يتوزعون على مختلف الجامعات والكليات والتخصصات العلمية. ومع الاخذ بنظر الاعتبار ان الموارد البشرية المؤهلة تعد اهم ركائز النمو الاقتصادي للدول فضلا عن دورها الاجتماعي والحضاري، بالتالي ان ادارة الموارد البشرية بالشكل الصحيح يمكن ان يسهم في تحقيق قفزات نوعية على مستوى التطور الصناعي والزراعي والعلمي للبلد، في المقابل فأن تراجع الاهتمام بالموارد البشرية و ضعف ادارتها يمكن ان يؤدي الى كوارث اقتصادية واجتماعية لا يحمد عقباها في مقدمة هذه الاثار البطالة والبطالة المقنعة. ولا شك ان البطالة بالنسبة لاصحاب الشهادات يمكن ان ينتج عنها اثار اجتماعية وصحية عديدة. واليوم وبعد مرور اكثر من ثلاث عقود من الزمن على ضعف التخطيط وتراجع الادارية العلمية للموارد البشرية بدأت اثار هذا التخبط تظهر وبشكل واضح وجلي ولعل اهم مؤشراتها زيادة عدد العاطلين عن العمل و تخمة المؤسسات الحكومية بالعاملين دون ان يكون لمعظمهم ادوار حقيقية في المجال العملي الامر الذي ساهم في تراجع الانتاج وضعف جودة المنافسة الصناعية والزراعية فضلا عن ضعف الاداء المؤسسي لعموم الوزارات العراقية.
هنا لا بد ان تكون لنا وقفة ومراجعة شاملة لنظام التعليم الجامعي في العراق لتوجيه الموارد البشرية بطريقة يمكن ان تسهم في تحقيق الرخاء والرفاهية لعموم المجتمع بالتعاون مع وزارة التخطيط. ولعل في مقدمة اي استراتيجية للارتقاء بالتعليم العالي في العراق يجب ان تكون متصلة و متواصلة مع برامج التخطيط الاستراتيجي لباقي الوزارات والقطاعات. وعليه يمكن ان نعيد فلسفة التعليم الجامعي في العراق وفقا لمتطلبات سوق العمل وبما ينسجم مع البنية الاقتصادية للعراق. هذا الامر سوف يدفعنا الى التفكير في اعادة هيكلة العديد من الجامعات و الكليات والتخصصات العلمية وفقا لمبادئ السوق. وهو امر جيد طالما ان الغاية سوف تكون في صالح الطالب الجامعي في المحصلة النهائية. فمن غير المنطقي ان نفتخر بعدد خريجي الجامعات العراقية في الوقت الذي لا يجد اكثر 80% منهم فرصة عمل في مجال تخصصه الدراسي. والسبب من وجهة نظري هو التوسع غير المدروس في عدد الجامعات والكليات الحكومية والاهلية دون ان نضع في خططنا توفير فرص عمل لهم مستقبلا. ان الضغط الذي سوف يمارسه هؤلاء مستقبلا على الحكومات العراقية سيكون مدمرا وينذر في اوضاع وفوضى قد تؤدي بالبلد الى الهاوية. واعتقد ان امام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق فرصة اخيرة لاعادة هيكلة مؤسساتها التعليمية وفقا لاعتبارات و متطلبات علمية تنسجم مع حاجة السوق وترفد القطاعات الحكومية والقطاع الخاص بالكفاءات العلمية والادارية وتحد الى ادنى حد ممكن من البطالة. وعليه يمكن ان نقدم مجموعة الاسس على شكل مقترحات قابلة للتطوير والتعديل وصولا الى النتائج النهائية التي تصب في خدمة المجتمع مع الاخذ بنظر الاعتبار ما تقدمنا به في الفصل الأول:
اولاً: الغاء كليات التربية والتربية الاساسية تدريجياً وفي عموم الجامعات العراقية . والاستعاضة عنها بفتح (المعهد العالي للتربية والتعليم) وحسب الحاجة والتوزيع الجغرافي للعراق. الذي توكل له مهمة منح شهادة الدبلوم العالي في التربية والتعليم لحملة شهادة البكالوريوس في مختلف التخصصات العلمية والانسانية من الراغبين في العمل بالقطاع التربوي سواء على مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط والاعدادي. علما ان اكثر من 80% من خريجي هذه الكليات لن تتاح له فرصة عمل في مجال تخصصهم على مدى العشر السنوات القادمة وفقا لاكثر المؤشرات الاحصائية تفائلا.
ثانيا: الغاء كليات الآداب تدريجيا في عموم الجامعات العراقية و التحول نمط جديد من التاهيل الأكاديمي سمته التخصص القريب مثل: كليات اللغات الغربية، وكليات اللغات الشرقية. وكليات الدراسات النفسية والاجتماعية والفلسفية. وكليات الدراسات التاريخية والجغرافية وكليات الاعلام وعلم المعلومات...الخ. وحسب الحاجة والتوزيع الجغرافي. مع التاكيد على اهمية تقليص الاعداد الكلية للطلبة المقبولين في عموم الدراسات الانسانية.
ثالثا: تحويل كليات العلوم في عموم الجامعات العراقية الى جامعات تخصصية تحاكي تجربة الجامعة التكنولوجية وجامعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كأن تكون جامعة العلوم التطبيقية وجامعة العلوم البحته. وذلك من خلال التوسع في الاقسام الى مستوى الكليات مثل كلية العلوم الفيزياوية و كلية العلوم الحياتية و كلية العلوم الكيمياوية...الخ. وحسب الحاجة والتوزيع الجغرافي. وهذا الامر سوف يسهم في استثمار افضل للمختبرات والبنايات و الخبرات العلمية والتدريسية. على ان يراعى ايضا حاجة السوق في تحديد عدد الطلبة .
رابعا. دمج كليات الطب والصيدلة والاسنان في عموم الجامعات العراقية وتحويلها الى جامعات باسم جامعة العلوم الطبية والصيدلانية لتشتمل على كليات الطب و الصيدلية وطب الاسنان والطب البيطري وكلية التمريض...الخ. وحسب الحاجة والتوزيع الجغرافي.
خامسا : دمج كليات القانون و الادارة والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة واحدة باسم جامعة العلوم الاجتماعية. وحسب الحاجة والتوزيع الجغرافي.
سادسا: دمج كليات الهندسة في جامعة العلوم الهندسية وتحويل اقسام مثل الكهرباء والمدني و الميكانيك والمواد الى كليات. وحسب الحاجة والتوزيع الجغرافي.
ان هذه المقترحات لا تتقاطع مع اي افكار اخرى غايتها الارتقاء بالتعليم والنهوض به ليكون رافد مهما لتطور البلد على المستويات والاصعدة كافة.
أحسنت القول دكتور واحسنت في الاقتراحات وخاصة النقطة الأولى من الاقتراحات.. وعلى الحكومة العمل بجد من خلال جعل الخريج يمارس متعلمه بالكلية مع سوق العمل.. كم من خريج يحمل شهادة جامعية وحتى شهادة عليه ولا يمارس اختصاصه.. سلمت اناملك دكتورنا الغالي
ردحذفشكر ايتاذه أمثال على الاهتمام والمتابعة.
حذفتسلم دكتور
حذفأحسنت التحليل والنمط والنشر دكتور. وبالامكان ان تضع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خطة استراتيجية جديدة لتمنية المجتمع. مفادها التوقف عن القبول في الدراسات الاولي والعليا التي تاخذ المنحنى العمودي وان تركز على زيادة التخصصات الفردية والنادرة. اي التي تاخذ المنحنى الافق. إذ من خلالها سوف تشمل كل معطيات سوق العمل. تحياتي. ا. د. جنان صادق
ردحذفشكرا دكتور جنان على الاهتمام والمتابعة والتحليل
ردحذف