نظام المقررات وفلسفة دعم الانشطة اللاصفية - الدكتور طلال ناظم الزهيري

السبت، 28 سبتمبر 2019

نظام المقررات وفلسفة دعم الانشطة اللاصفية


الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ نظم استرجاع المعلومات في الجامعة المستنصرية

اهم ما يميز نظام المقررات مقارنة بالانظمة التعليمية الاخرى، هو ذلك الدعم الذي يقدمه الى الانشطة والفعليات الرياضية والفنية والتطوعية. اذ تتعامل المؤسسات التعليمية مع الطالب بطريقة تسهم في تنمية المواهب و توجيه الطاقات له بشكل ايجابي، تنعكس عليه شخصيا وعلى المؤسسة التعليمية والبلد ايضا. اذ يقدم نظام المقررات خيارات متنوعة لتحسين درجات الطلبة من خلال مفهوم المقرر الاختياري و الانشطة التطوعية.

وفي ظل توجه الجامعات العراقية اليوم الى التحول الى نظام المقررات بدأً من العام الدراسي الحالي 2019/2020. لا بد من أن نبين مفاهيم ذات علاقة بنظام المقررات خاصة ما يرتبط منها بالانشطة التطوعية و تفسير مفهوم المقرر الاختياري، اذ تبين لنا ومن خلال المشاركة باللجان و خوض المناقشات والحوارات واللقاءات الخاصة بنظام المقررات ان هناك تقصير في هذا الجانب. بالتالي ولاهمية هذا الموضوع نحاول ان نفتح حوار بناء حوله حتى يتم تدارسه واستيعابه من قبل الجهات المسؤولة عن تطبيق نظام المقررات في المؤسسات التعليمية واستثماره بالشكل الامثل.

مفهوم الانشطة اللاصفية

 النشاط اللاصفي هو مصطلح متداول في المؤسسات التربوية وله حضور في الممارسة التعليمية، لكن تطبيقه يتم بشكل منفصل عن المناهج التعليمية. بالتالي لا يكتسب الطالب من ممارسة النشاط اي منافع على مستوى التحصيل العلمي. و تبقى المشاركة بالانشطة من هذا النوع خاضعة لهوايات ورغبات بعض الطلبة. والسؤال الان ماهي هذه الانشطة والفعاليات.؟ من الطبيعي ان تكون الجامعات لها انشطة رياضية وفنية، و تتشكل فيها فرق لالعاب متنوعة كرة القدم والطائرة والسلة والالعاب الفردية...الخ. فرق على مستوى الكليات ومنها تتشكل منتخبات لتمثل الجامعة للعب مقابل الجامعات الاخرى. والحال هذا ينطبق على الانشطة الفنية.  و من شروط هذه الفرق، ان يكون اللاعب او عضو الفرق الفنية طالب مستمر على الدراسة حتى يتمكن من تمثيل الجامعة او الكلية. بالتالي جزء كبير من وقت الطالب سيكون مخصص للانشطة التدريبية و اوقات المباراة. ومن المنطقي ان يكون التحصيل العلمي للطالب المساهم في هذا النوع من الانشطة اقل من اقرانه، لاعتبارات الالتزام الصفي مقابل التفرغ. بالتالي نلاحظ الكثير من الطلبة الذين يمتلكون مواهب رياضية او فنية يعزفون عن المشاركة في تلك الانشطة، خاصة وانها تدخل في معادلة الضرر اكبر من النفع منها. واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان جامعات عريقة في اوروبا وامريكا تطلق سنويا مئات المنح الدراسية المجانية لاستقطاب اصحاب المواهب الرياضية والفنية لتعزز بهم فرقها الرياضية والفنية، ندرك اهمية هذه الانشطة للجامعات. من هذا المنطلق لابد ان يكون هناك تنظيم لادارة الانشطة الرياضية و الفنية في الكليات والجامعات العراقية. من خلال التعامل معها على انها مقرر اختياري يُمكن الطالب من تحسين معدله الدراسي، وان تخصص درجات مضافة الى المعدل التراكمي للطالب تتناسب مع نوع وحجم التمثيل والمشاركة الفعلية. ومن المنطقي الآن هو ان توضع شروط واختبارات لقبول الطالب في تلك الفرق وفقا لمهاراته وقدراته ومواهبه وتحت اشراف اساتذة متخصصين يقع على عاتقهم تزويد الاقسام الدراسية بتقرير سنوي عن حضور الطالب ومدى التزامه وفعالية مشاركته ليستحق الدرجات المضافة.

مفهوم الانشطة التطوعية

 تحتضن الجامعات في الغرب الكثير من الانشطة والفعاليات التطوعية التي تهدف الى توجيه الطلبة الى الاعمال الخيرية و التي تعود بالنفع على الموسسة التعليمية فضلا عن اهميتها في توجيه المنهج السلوكي للطالب بشكل ايجابي من خلال تنمية شعور المشاركة الفعالة في بناء الوطن. ومن المهم الآن وفي ظل التوجه الى نظام المقررات في الجامعات العراقية، ان تكون هناك رعاية خاصة لهكذا نوع من الانشطة، خاصة تلك التي لها علاقة مباشرة في المؤسسة التعليمية. ومن الأمثلة عن هذا النوع فرق اصدقاء المكتبة عندما يشارك الطالب في جزء من وقته للعمل بشكل تطوعي في المكتبة او تجميل الجامعة والعناية بحدائقها او تزينها فضلا عن حملات التنظيف...الخ. ان الاعمال التطوعية لها انعكاسات ايجابية على السلوك المستقبلي للطالب ليكون عضو نافع في المجتمع. ولعل بعض الجامعات تذهب الى ابعد من ذلك في السماح لطلبتها للمشاركة في حملات تطوعية خدمية خارج الجامعة ومع مؤسسات معينة. ان تحفيز الطلبة للمشاركة في هكذا نوع من الاعمال لابد ان يكون له مردود ايجابي على مستوى التحصيل الدراسي شأنه شأن الانشطة الرياضية والفنية. ويفضل ايضا ان يتم تنظيم هذا الامر بطريقة تسهم في تحقيق اهدافه دون ان تؤثر على المستوى العلمي للطالب. انا اعتقد ان من اكبر الاخطاء التي يمكن ان نرتكبها في تطبيق نظام المقررات في الجامعات العراقية هو تفريغه من محتواه الحقيقي و عدم استثمار خصائصه في تنمية وتعزيز المواهب الشخصية للطلبة. الجامعات في العالم اليوم تؤمن ان بروز فنان او لاعب من الجامعة يمكن ان يحقق انتصار للبلد في الدورات الرياضية والانشطة الفنية لا يقل اهمية عن تخرج الطبيب والمهندس والمحامي...الخ. وان تعزيز روح التعاون والمشاركة في خدمة البلد لا تقل اهمية عن تعزيز الرصيد المعرفي العلمي للطالب.

مفهوم المقرر الاختيار  

فلسفة نظام المقررات تقوم على تقسيم المقررات الدراسية الى نوعين الاول المتطلبات الاجبارية وهي بدورها تقسم الى ثلاث انواع منها متطلبات القسم العلمي والتي تمثل القيمة المعرفية المرتبطة بالتخصص و متطلبات الكلية التي تمثل المشاركة المعرفية بين التخصصات ومتطلبات الجامعة التي تهدف الى بناء ثقافة معرفية موجهه لخدمة المؤسسة والاستجابة للمتطلبات الثقافية والمعرفية للمجتمع. في المقابل هناك نوع اخر من المقررات وهو المقرر الاختياري. والذي نلاحظ ان معظم الاقسام قد غاب عنها فلسفة وجود هذا المقرر والغاية منه. فبدأت تتعامل معه على انه مقرر يقترب في منهجه من المقرر الاجباري التخصصي. علما ان نظام المقررات لا يحتسب درجات المقررات الاختيارية ضمن المعدل التراكمي وانما يقدم درجات مضافة على المعدل التراكمي. بالتالي الذهاب الى المقرر الاختياري مرتبط بتحسين المعدل فقط. والسؤال هنا. ماذا نقصد بالمقرر الاختياري وما هي القيمة المعرفية لهذا المقررات ومن يختارها وكيف يتم التعامل معها دراسياً.؟
الجواب ببساطة ان المقررات الاختيارية لها فلسفة خاصة ترتبط بالمؤسسة التعليمية ، الغاية من وجودها هو تمكين الطالب من التطور الثقافي والمعرفي أو تنمية موهبة او مهارة شخصية، في امور قد تكون قريبة من التخصص او بعيده عنه. وجودها ينفع وغيابها لا يضر. يذهب اليها الطالب بدافع تحسين المعدل التراكمي او رغبة في اكتساب معلومات في مجال معين. اذ يمكن على سبيل المثال وضع مقرر اختياري في تعلم النحت والرسم في قسم الهندسة المدنية. او علم النبات في كلية الطب. ومن الامثلة الاخرى على المقررات الاختيارية تلك التي تعرف بتاريخ وحضارة وجغرافية وعادات وتقاليد وفلكلور البلد. او تلك التي تعرف باللغات الغربية والشرقية و معارف اخرى كثيرة. المهم الآن هو ان تكون المقررات الاختيارية طوق نجاة في بعض الاحيان للطالب الذي يتلكأ، وهي في ذات الوقت قيمة معرفية وثقافية مضافة يمكن ان تسهم في التطور الفكري والثقافي للطالب. ويقع على عاتق الاقسام العلمية اختيار المقررات الاختيارية وفقا لهذه المبادئ، والاهم هو الابتعاد قدر الامكان عن المعرفة التخصصية المباشرة في اختيار المقرر الاختياري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق