الدكتور طلال ناظم الزهيري
استاذ نظم استرجاع المعلومات
لعل من ابرز تداعيات انتشار فيروس كورونا على المستوى
العالمي هو توقف المؤسسات التعليمية سواء اكانت مدارس او جامعات عن أداء دورها
التربوي، بالتالي وجدت الحكومات نفسها في مازق حقيقي بين الحفاظ على حياة شعوبها
او توقف العملية التعليمية بشكل كامل، الامر الذي دفع باشد المعارضين للاستخدام تطبيقات
الويب في التعليم الى الرضوخ الى الامر الواقع، وتقبل الفكرة على انه حل مؤقت يمكن
ان يوازن بين استمرار العلمية التعليمية في حدودها الدنيا، فضلا عن الحفاظ على حياة
البشر والحد من خطورة انتشار الفيروس.
عندها وللاسباب تلك لم تجد الجامعات حرجاً
في توجيه الاساتذة الى التواصل مع طلبتهم من خلال تقديم محاضراتهم على الخط
المباشر، باستخدام منصات التعليم المعروفة، وذلك من منطلق ان هذا الوضع مؤقت وسوف
تعود الحياة الى طبيعتها، بالتالي يمكن تدارك السلبيات الناتجة عنه بعد العودة الى
النظام التقليدي، الا ان الامر طال اكثر من المتوقع، والايام تحولت الى اسابيع و
هذه الى شهور ونسبة الاصابات في تزايد حتى ان اكثر المتفائلين بانتهاء الفيروس
يتوقع استمراره الى العام المقبل. وعليه بدأ التنظير الى ضرورة تبني فكرة التعلم
الالكتروني [E-Learning] القائمة على مبدأ قيام الاشخاص
باستثمار الموارد والتطبيقات الالكترونية في مجال التطوير الذاتي لمن هم خارج اطار
المؤسسات التعليمية التقليدية. الى التعليم الالكتروني [E-Education] والذي نقصد
به قيام المؤسسات التعليمية التقليدية باستثمار الموارد والتطبيقات الالكترونية في
مجال تعليم الطلبة خارج الفصول الدراسية. لكن تجدر الاشارة الى التحول من نظام
التعليم التقليدي الى نظام التعليم الالكتروني في الوضع الطبيعي كان بحاجة الى
مرحلة انتقالية يتم من خلالها تعزيز التعليم بالموارد والتطبيقات الالكترونية او
ما استطيع ان اطلق عليها مرحلة التعليم المعزز او المحسن Augmented Education]].
والتعليم المعزز من وجهة نظري هو توظيف الحاسوب وتطبيقاته و ادوات تكنولوجيا
التعليم مثل اجهزة عارض البيانات [Data Show] واللوحات الذكية [Smart
Board]
وتطبيقات الحاسوب في التعليم داخل الفصول الدراسية وفي اوقات عمل المؤسسات
التعليمية. و نعتقد ان التعليم المعزز كان حاظرا في المؤسسات التعليمية على المستوى
العالمي و بشكل واضح في مراحل التعليم الجامعي، مع الاقرار بوجود تفاوت نسبي
بالتطبيق بين دولة واخرى وجامعة واخرى واستاذ واخر. واذا كانت المؤسسات التعليمية
تتفاعل مع فكرة التعليم المعزز وتساعد عليه وتدعمه لانه في المحصلة النهائية يحدث
في اطارها الاداري والقانوني. لكنها لم تعترف بمخرجات التعلم الالكتروني. بالتالي
لا تزال الكثير من دول العالم التي يغلب فيها قطاع العمل الحكومي على الخاص على
تقديم الشهادة الجامعية على المهارة التطبيقية في اعلانات التوظيف. ولعل هذا هو سر
تراجع تلك الدول مقارنة بدول العالم المتقدم التي تولي المهارة اهمية اكبر في
التوظيف خاصة في قطاع العمل الخاص. و بعد هذا المدخل نعود الى الفكرة الاساسية وهي
ان مؤسساتنا التعليمية وجدت نفسها مجبرة اليوم على تقبل فكرة التعليم الالكتروني [E-Education] بداية مع تقبل المحاضرات على الخط المباشر او ما شاع التعارف عليه بنظام
التعليم عن بعد [Distance Education] وان كنت اعتقد
ان هذا المصطلح يعني نوع اخر من انظمة التعليم كان سائدا في القرن التاسع عشر
وبداية القرن العشرين في نطاق دول معينة فرضته ظروف خاصة عرفنا بها في مقال سابق.
ثم بدأ اليوم الترويج الى فكرة اجراء الاختبارات على الخط المباشر. واذا ما اقررنا
ان فكرة تقديم المحاضرات واجراء
الاختبارات بعيدا عن الفصول الدراسية كانت اهم اسباب تحفظ الحكومات على الاعتراف
بالشهادات التي يتحصل عليها الطلاب وفق هذا النظام التعليمي. بالتالي فأن قبول المؤسسات
التعليمية بهذا الامر يعد اعتراف ضمني بنمط التعليم عن بعد مستقبلا وقد يكون من
الصعب مستقبلا رفض مخرجاته. وهنا تكمن نظرية المؤامرة. والتي احاول ان اضع اصحاب
القرار في مقدماتها مستشهدا بما حصل مع خيارات النشر في المجلات الاكاديمية
المحلية مقابل النشر في المجلات ضمن مستوعبات سكوباس واخواتها:
-
سوف تلجأ الكثير من الجامعات الاوربية
والامريكية الى فتح باب القبول في جامعاتها وفق نظام التعليم الالكتروني للطلبة من
خارجها مقابل متطلبات مادية وشروط ميسرة. بعد ان تم كسر حاجز التحفظ والرفض المحلي
على هذا النمط من التعليم.
-
سوف يصعب على الحكومات رفض الاعتراف بتلك
الشهادات لاسباب التي عرجنا عليها. ومع هذا الاعتراف سوف يفضل الطلبة الدراسة في
تلك الجامعات على حساب الجامعات المحلية كبداية على مستوى الشهادات العليا
الماجستير و الدكتوراه.
-
وكما حصل مع المجلات الاكاديمية المحلية سوف
يظهر جيل من حملة شهادات تلك الجامعات يروج لافضلية شهادات التعليم الالكتروني من
الجامعات الاوربية والامريكية على شهادات الجامعات المحلية.
-
سوف يتناغم اصحاب القرار مع هذا الامر
لاعتبارات تحسين ترتيب الجامعات المحلية من خلال تفضيل حملة الشهادات العليا التي
حصلوا عليها من خلال نظام التعليم الالكتروني في التعيين في الجامعات المحلية.
وامام هذا الامر سوف نتنبأ بالاتي :
-
عزوف الطلبة عن الدراسة في الكليات الاهلية و
الحكومية للدراسات المسائية. اذا اتيحت لهم فرصة الدراسة عن بعد في احدى الجامعات
الاوربية و الامريكية. الذي سوف يؤدي الى تراجع المداخيل المادية لها ويهدد الكثير
منها بالاغلاق.
-
تراجع الاهتمام الحكومي بالجامعات والكليات
في ظل سياسية الترويج والتشجيع على الالتحاق بنظام التعليم الاوربي.
-
ولضمان الانتشار المحلي والمنافسة سوف تعمل
الجامعات الاوربية على توفير فرص عمل للاساتذة من داخل بلدانهم خاصة من حصلوا على
شهاداتهم من تلك الجامعات لكسب مدافعين شرسين عن هذا النظام. ونستشهد بمن اتيحت
لهم فرصة النشر في المجلات العالمية ضمن مستوعبات سكوباس الذي لا يتركون مناسبة
الى واشاروا فيها الى افضلية ورصانة تلك المجلات على المجلات المحلية.
-
لن تجد الحكومات حرجا في هذا الامر خاصة وان
الانفاق على التعليم سوف يتحول من الحكومة الى الافراد مباشرة كما حصل مع كلف
النشر في المجلات العالمية و المشاركة في المؤتمرات العلمية.
وقد يقول قائل وما الضير من كل ذلك.؟ اذا ما
ضمنا فعلا مستوى تاهيل كفوء امام تردي الوضع التعليمي في جامعاتنا المحلية. وانا
اتفق تماما مع هذا الامر، لكن الفرق عندي هو لماذا علينا دائما الهروب الى الامام.؟
لماذا لا يتم العمل على تطوير مؤسساتنا التعليمية الى المستوى العالمي.؟ لماذا لا
تستثمر جامعاتنا هذه الفرصة لتستقطب طلاب من الخارج للدراسة فيها وفق نظام التعليم
الالكتروني.؟ لماذا علينا دائما ان نستهين بقدراتنا المحلية في اول بادرة للمنافسة
مع الاخر.؟ ولماذا ....؟ وللحديث بقية يصعب ان اقولها.
احسنت دكتور
ردحذفمجازا يمكن القول ان الوضع في مؤسساتنا يعتمد اسلوب الدفاع بدلا من الهجوم وبالتالي تراجع بدون تقدم
يارب يحفظك استاذنا الغالي
ياريت اكو دفاع هناك استسلام تام دون اي فعل
ردحذفحقيقة موضوع يستحق الدراسة والبحث.
ردحذفسلام عليكم العولمة هي مصطلح يستخدم لوصف المعطيات تحقق نشاطا دوليا متزايدا وشمل هذيه المعطيات اسواق البضائع ةالخدمات ةاساليب العمل لانتاج والانظمة المالية وصناعات المختلفة واذا تحدثنا عن مصطلح العولمة امام التعليم العالي نجد ان عولمة هذا التعليم تصف نشاطا متزيدا لمؤسسات التعليم العالي ومخرجاتها في مناطق مختلفة على مستوى العالم
ردحذفأحسنت الطرح دكتور, زمان كان القول المنتشر على الالسن هو هجرة العقول وهجرة الادمغة أما الآن فما يحدث أكبر من هجرة, هو مايمكن أن نسميه سرقة الادمغة استغلال الادمغة احتلال الامغة وربما أكثر.
ردحذفمعلومات قيمة وروعة احسنت النشر استاذنا الغالي. بالتوفيق والمزيد من الابداع والتآلق في مقالاتك العلمية والبحثية باذن الله تعالى /د. منتهى عبد الكريم
ردحذفمعلومات قيمة وروعة احسنت النشر استاذنا الغالي. بالتوفيق والمزيد من الابداع والتآلق في مقالاتك العلمية والبحثية باذن الله تعالى /د. منتهى عبد الكريم
ردحذفمعلومات قيمة وروعة احسنت النشر استاذنا الغالي. بالتوفيق والمزيد من الابداع والتآلق في مقالاتك العلمية والبحثية باذن الله تعالى /د. منتهى عبد الكريم
ردحذف